الامر الثاني : معنى التسبيب قد صرح بعض الاصحاب في بحث موجبات الضمان على نحو التسبيب بان الضابط في السبب ما لولاه لما حصل التلف لكن علة التلف غيره .ذكره المحقق في الشرايع في كتاب الديات .و لكن قال في كتاب الغصب : التسبيب هو كل فعل يحصل التلف بسببه .و هذان التعريفان و ان لم يخلو من بعض الاشكالات - و لسنا هنا بصدده - و لكن يستفاد منهما ان التسبيب من أسباب الضمان .بل قد صرحوا تلو ذلك بانه إذا اجتمع السبب و المباشر قدم المباشر الا ان يكون السبب أقوى .فالأَول كمن حفر بئرا في ملك غيره عدوانا فدفع غيره فيها إنسانا ، فضمان ما يجنيه على الدافع و للثاني إذا أكره إنسان غيره على إتلاف مال فالمكره ( بالفتح ) لا يضمن و ان بأشر الاتلاف و الضمان على من اكرهه لان المباشر ضعيف مع الاكراه فكان ذوا السبب هنا أقوى .و لو ناقشنا في مثال الاكراه و لكن لا مناقشة في أصل المسألة ، و هو ما إذا كان السبب أقوى من المباشر فان ظاهرهم ضمان السبب دون ضمان المباشر ، لا ان المباشر ضامن و لكنه يرجع إلى السبب .و حينئذ يأتي الكلام في المسألة المعروفة في باب الغصب في غاصب قدم طعاما مغصوبا إلى غيره فاكله جاهلا فان المشهور بينهم ان المالك يغرم أيهما شاء ، لكن ان اغرم الغاصب لم يرجع على الاكل الذي هو مغرور له ، و ان اغرم الاكل رجع الاكل على الغاصب لغروره الذي صار به مباشرته ضعيفة بالنسبة للسبب ، فيكون قرار الضمان عليه .