دليل العقل وبناء العقلاء
جميعا .
فتحصل من جميع ما ذكرنا انه لا ينبغى التأمل في كون القاعدة مجمعا عليها بين فقهاء الفريقين ، لاستنادهم إليها في كثير من المباحث المتخلفة ، إرسالا له إرسال المسلمات من رد و لا إنكار ، و ما أوردناه هنا من أقوالهم شطر من كلماتهم المشتملة على الحديث بعنوانه ، و الا فما ذكروه بغير هذا العنوان مما يعطى معناه أكثر و أظهر .
4 - دليل العقل و بناء العقلاء هذه القاعدة قاعدة عقلائية قبل ان تكون شرعية ، و لم يزل بناء العقلاء عليها من قديم الزمان إلى عصرنا هذا ، و لا فرق فيها بين أرباب الملل الالهية و غيرهم ، حتى ان من أنكرها بلفظه لا ينكرها في عمله ، و ان الذين ادعوا الغائها بالمرة في كتبهم و في مدارسهم لم يوفقوا له في العمل ، وكلهم يرون ان للانسان التصرف في ملكه بما يراه ، الا ما منعه الشرع أو نهى عنه القوانين المعتبرة عندهم ، و لا يشك في هذا احد منهم ، و من أنكره فانما ينكره باللسان و قلبه مطمئن بالايمان .
بل يمكن ان يقال انها من القواعد الفطرية قبل ان تكون عقلائية فان ما عند العقلاء من القوانين لها أصولا و جذورا في اعماق فطرياتهم ما لم ينحرف عنها بأمور قسرية .
كما ان أحكام الشرع ايضا تنطبق على الفطريات ، فيطابق " التشريع " " التكوين " ، و لا بد ان يتطابق ، لان كل واحد منهما من صنع الله ، و لا يضار صنعه صنعه ، و ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت .