مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
إنّ «التوحيد الافعالي» لا يعني إنكارالعلل الطبيعية أو إنكار مشاركتها فيالتأثير وفي حدوث معلولاتها، بل يعني معالاعتراف بأنّ للعلل تمام المشاركة فيظهور الآثار، وأنّ هذه الآثار هي من خواصهذه العلل.أقول: يعني مع الاعتراف بهذا، الاعترافبأنّه لا مؤثر حقيقي في صفحة الوجود إلاّ«اللّه» وأنّ تأثير ما سواه من المؤثراتإنّما هو في ظل قدرة اللّه، ذلكالمؤثرالحقيقي الأصيل، وأنّ هذه العلل ما هيإلاّ وسائط للفيض الإلهي.فمنه تعالى تكتسب «الشمس» القدرة علىالإشراق والإضاءة كما استمدت منه أصلوجودها.ومنه تعالى تكتسب «النار» خاصية الإحراقوالحرارة كما استمدت منه أصل وجودها،وأنّه تعالى هو الذي منح هذه العللوالأسباب هذه الخواص، وأعطاها هذه الآثاركمامنحها: وجودها أساساً وأصلاً.وبتعبير آخر نقول: إنّ التوحيد الأفعالييعني أنّه لا مؤثر بالذات ـ في هذا الوجودـ إلاّ «اللّه»، فهو وحده الذي لا يحتاجإلى معونة أحد أو شيء في الإيجاد والتأثيروالإبداع والابتكار.وأمّا تأثير ما عداه «من العلل»، فجميعهيكون بالاعتماد على قدرته وقوته سبحانه.بهذا البيان يتضح الفرق بين مدرستين فيهذا المجال:مدرسة الأشاعرة القائلين بعدم دخالةالعلل في الآثار مطلقاً.والمدرسة القائلة بالتوحيد الافعالي.