مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
وصفوة القول: إنّ ما نبغيه هنا هو التتلمذعلى القرآن واتّخاذه إماماً ومعلماً لنافي هذا المجال لا ما يقوله الحكماءوالفلاسفة والعلماء نعم لو طابق شيء منكلامهم مع ما ذهب إليه القرآن واستدل بهأشرنا إليه، وقلنا انّ هذا الاستدلال يشيرإلى دليل النظم أو الإمكان أو...وفي كل ذلك نستعين اللّه على فهم مرادكتابه ومفاهيمه، وهو ولي التوفيق.لا ريب أنّ «فقر» الشيء دليل قاطع علىاحتياجه إلى «غني قوي» يزيل حاجته، ويمسحعن وجهه غبار الاحتياج والافتقار، فما لمتمتد يد من الخارج إلى ذلك الشيء لم يرتفعفقره، ولم يندحر احتياجه.تلك حقيقة لا يمكن أن يجادل أو يشك فيأمرها أحد.من هنا لا بد أن يكون لهذا الكون ـ بأسره ـمن أفاض عليه الوجود.فالظواهر الكونية من الذرة إلى المجرةمقرونة بـ «الفقر الذاتي».. فجميعهامسبوقة بالعدم، ولهذا فهي تحتاج فيتحقّقها ووجودها إلى «غني» يطرد عنها غبارالعدم، ويلبسها حلّة الوجود.افترض ـ للمثال ـ أيّة ظاهرة شئت تجدأنّها قبل أن ترتدي حلّة الوجود كانتتختفي خلف حجاب العدم وتنغمس في ظلماته،ثم استطاعت ـ في ظل قدرة فعّالة ـ أن تمزّقحجب العدم، وتشق طريقها إلى عالم الوجود.ومن المعلوم أنّه لو لم يكن ثمت غني باسم«العلة» لما قدر لهذه الظاهرة المعـدومـةـ أصلاً ـ أن تدخل إلى ساحة الوجود، ذلكلأنّ نسبة أي شيء ممكن يتصوّره الذهن، إلىالوجود والعدم سواء، بمعنى أنّه كما لايترجح وجوده ذاتياً كذلك لا يترجح عدمهذاتياً أيضاً.