4. التوحيد في العبادة
و نعني أنّ العبادة لا تكون إلاّ للّهوحده، وأنّه لا يستحق أحد أن يتخذ معبوداًمهما بلغ من الكمال والجلال وحاز من الشرفوالعلاء.ذلك لأنّ الخضوع العبودي أمام أحد لا يجوزإلاّ لأحد سببين، لا يتوفران إلاّ في«اللّه» جل جلاله:1. أن يبلغ المعبود حداً من الكمال يخلومعه عن أي عيب ونقص، فيستوجب ذلك الكمال أنيخضع له كل منصف ويعبده كل من يعرف قيمةذلك1. ونظنك أيّها القارئ قد وقفت على الفرقبين التوحيد الافعالي، وبين ما يذهب إليهالأشاعرة والمجبرة.فإنّ الفاعل عند هاتين الطائفتين(الأشاعرة والمجبرة) لامشاركة له فيأفعاله وآثاره أصلاً، وإنّها تستند إلىاللّه سبحانه مباشرة وبلا واسطة فهو الذيينفذ الفعل عن طريق الفاعل دون إرادة ومشاركة من الفاعل في الفعل مطلقاً»!!و أمّا الذي نقوله نحن فهو أنّ كل فاعلإنّما يعتمد ـ في فعله وأثره ـ على اللّهمن حيث إنّه فقير محتاج إلى الغني بالذاتفي جميع شؤونه وأطواره. وأنّ للفاعل ـمريداً كان أو غير مريد ـ دوراً في حدوثالأثر و بروزه و أنّ الأثر لا يمكن أنيتحقق على صعيد الوجود إلاّ عن طريق هذاالفاعل.وكم فرق بين أن ننسب أفعال الفاعل كلهاإلى اللّه مع نفي مشاركته فيها، وبين أننعزي إمكانية التأثير إلى اللّه معالاعتراف بمشاركة الفاعل في فعله.و سوف يظهر لك الفرق بين المدرستين ـ بنحوأكثر تفصيلاً ـ في البحوث الآتية.