مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
ما سلف فنقول: إنّ المراد بـ «السجودالطوعي» هو قبول تلك الحالات الملائمةللطبع البشري أو لطبع أي موجود آخر،كالنمو، ودوران الدم، وضربان القلب،بينما يكون المقصود بـ «السجود الإجباري»هو قبول تلك الحالات المنافية للطبعكالموت والبلاء والمحنة التي تقضي علىالإنسان أو الحيوان قبل حلول أجلهالطبيعي.والجدير بالذكر أنّ القرآن الكريم استعملهاتين اللفظتين: «طوعاً وكرهاً» في موردسجود السماوات والأرض، ومن الطبيعي أنّالمقصود من ذلك هو ما قلناه كذلك.فمراد اللّه من خطابه للسماوات والأرض إذيقول لهما: (ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتاأتينا طائعين) هو دعوة السماوات و الأرضإلى أن تقبل أي نوع من التغيّـراتوالتبدّلات والحالات سواء أكانت ملائمةلطبعها أم لا؟وعلى هذا فإنّ قبول الشيء للوجود، وقبولهلأي نوع من التصرّفات سواء أكانت موافقةلطبعه أم مخالفة له، خضوع وإظهار للتذلّلأمام اللّه، غاية ما هنالك أنّ قبول هذهالأُمور قد يكون كلّه عن رغبة وطواعيةباعتبار، وقد يكون قبول بعض هذه الحالاتعن كراهية عندما تكون على خلاف طبع الشيء.على أنّه ليس وجود الموجودات هو وحده فيقبضة اللّه تعالى، بل ظلالها هي الأُخرىتابعة لإرادته تعالى في حركاتها،وتحوّلاتها، بكرة وعشياً كما قال سبحانه:(أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَاللّهُ مِنْ شَيْء يَتَفَيَّؤُ ظِلاَلُهُعَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِسُجَّداً للّهِ).(1)