مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
والحقّ يقال: انّ السير التكاملي للعلومعلى مرّالزمان لم يمنع علماء الطبيعة فحسبمن إمكانية استنباط حقائق هامة وجديدة منالقرآن في حقول العلوم الطبيعية، بل وأتاحللمفسرين أيضاً إمكانية استخراج حقائققرآنية هامة لم تكن معروفة من ذي قبل، وذلك بفضل تطور المناهج العلمية المتداولة.إنّ القرآن الكريم صدر من لدن حكيم خبيرلا يحد ولا يتناهى، ومقتضى السنخية بينالفاعل والفعل أن يكون في فعله أثر منذاته، فإذا كانت ذاته لا متناهية ولا أوّللها ولا آخر، فاللازم أن ينعكس شيء منكمالات الذات على الفعل أيضاً، وإلى ذلكيشير رسول اللّه (صلّى الله عليه وآلهوسلّم) في كلامه إذ يتحدّث حول أبعادالقرآن و أغواره، فيقول:«فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليلالمظلم فعليكم بالقرآن، فانّه شافعمشفّع، وماحل مصدَّق، من جعله أمامه قادهإلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار،وهو الدليل يدل على خير سبيل، وهو كتاب فيهتفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليسبالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم، وباطنهعلم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم،وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، ولاتبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى و منارالحكمة، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة،فليجل جال بصره، وليبلغ الصفة نظره، ينجمن عطب، ويتخلّص من نشب، فانّ التفكر حياةقلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلماتبالنور».(1)كما أشار أمير المؤمنين علي (عليه السلام)إلى هذه الأبعاد اللا متناهية، وقال فيمعرض كلامه عن القرآن: «ثمّ أنزل عليهالكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه، وسراجاً لايخبو توقّده، وبحراً لا يدرك قعره، فهوينابيع العلم وبحوره، وبحراً لا ينزفهالمستنزفون، وعيون لا ينضبها الماتحون،ومناهل لا يغيضها الواردون».(2)