مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
فجميع هذه الأسباب والمسببات رغمارتباطها بعضها ببعض ـ بحكم العلية ـ فهيمخلوقة للّه جميعاً، فإليه تنتهي العليةوإليه تؤول السببية وهو معطيها للأشياء.ولا شك أنّ البشر هو أيضاً ذو آثاروأفعال، كالأكل والشرب والقيام والقعودوغيرها من الأفعال، وكلّها مرتبطةبالإنسان نفسه، فهي أفعاله الاختياريةالتي يتعلّق بها الأمر والنهي.ولكنّه ليس مستقلاً في فعله وأثره، فكماأنّ فعله يعد فعلاً له ومرتبطاً به، فهكذايعد فعله فعلاً للّه سبحانه ومرتبطاً بهبحكم كون وجوده وما أُعطي من القوىوالطاقات مستندة إلى اللّه سبحانه، وعلىذلك فلا يمكن أن يكون فعل العبد مرتبطاًبالعبد ومنقطعاً عن اللّه، إذ كيف يكونذات الشيء مرتبطاً ويكون فعله منقطعاً،فإنّ غير المستقل بالذات غير مستقل فيالفعل، والمستقل في الذات مستقل في الفعلأيضاً.وبعبارة أُخرى: انّ المراد من كون أفعالالعباد مخلوقة للّه ليس هو كونها فعلاً لهسبحانه بلا مشاركة العبد، بل المراد هوعدم استقلال العبد والعلل كلها في مقامالإنشاء والإيجاد وإلاّ لزم أن يكون فيصفحة الوجود فاعلون مستقلون في الفعلوالإيجاد وهو بمنزلة الشرك.وبذلك يرتفع الاستيحاش عن القول بأنّأفعال العباد مخلوقة للّه، إذ ليس المرادانّه سبحانه فاعل دونهم كما ليس المرادأنّها أفعال لهم دونه سبحانه، بل هي أفعالله تعالى من جهة وأفعال لهم من جانب آخر.وقد أوضحه بعض المحقّقين بالمثال التاليالذي يوضح موقف كل من مذهبي الجبروالتفويض وما هو الحق من الأمر بينالأمرين، فلنفرض أنّ إنساناً