مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
أعطى لأحد سيفاً مع علمه بأنّه يقتل بهنفساً، فالقتل إذا صدر منه لا يكونمستنداً إلى المعطي بوجه، فإنّه حين صدورهيكون أجنبياً عنه بالكلية غاية الأمر أنّههيّأ بإعطائه السيف مقدمة إعدادية منمقدمات القتل، وهذا واقع التفويض.كما أنّه لو شد آلة جارحة بيد الإنسانالمرتعش بغير اختيار، فأصابت الآلة من جهةالارتعاش نفساً فجرحته، فالجرح لا يكونصادراً من ذاك الإنسان المرتعش، بإرادتهواختياره، بل هو مقهور عليه في صدوره منه،وهذا واقع الجبر وحقيقته.وإذا فرضنا أنّ يد الإنسان مشلولة لايتمكّن من تحريكها إلاّ مع إيصال الحرارةإليها بالقوة الكهربائية، فأوصل رجلالقوة إليها بواسطة سلك يكون أحد طرفيهبيد المولى، فاختار ذلك الإنسان قتل نفسوالموصل يعلم بذلك، فالفعل بما انّه صادرمن الإنسان المشلول باختياره يعد فعلاًله، وبما أنّ السلك بيد الموصل وهو الذييعطي القوة للعبد آناً ف آناً فالفعلمستند إليه، وكل من الإسنادين حقيقي مندون أن يكون هناك تكلّف أو عناية، وهذا هوواقع الأمر بين الأمرين، فالأفعالالصادرة من المخلوقين بما أنَّها تصدرمنهم بالإرادة والاختيار، فهم مختارون فيأفعالهم; وبما أنّ فيض الوجود والقدرةوالشعور من مبادئ الفعل يجري عليهم من قبلاللّه تعالى آناً ف آناً، فأفعالهم منتسبةإلى خالقهم.(1)إنّ هناك طائفة من الآيات القرآنيةتبيّـن هذه الحقيقة بنحو آخر وهو أنّه ليساللّه تعالى خلق الأشياء فقط، بل هو الذيقدر تأثير كل شيء وخلق له