مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
قلناه في الآية المتقدّمة المشابهة لمانحن فيه، إذ لو كان الرب بمعنى الخالق لماكان لذكر جملة (الَّذِي خَلَقَكُمْ) وجه،بخلاف ما إذا قلنا بأنّ الرب يعني المدبر،فتكون جملة (الَّذِي خَلَقَكُمْ) علّةللتوحيد في الربوبية، إذ يكون المعنىحينئذ هو: أنّ الذي خلقكم هو مدبِّركم.ج. (قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاًوَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْء).(1)وهذه الآية حاكية عن أنَّ مشركي عصرالرسالة كانوا على خلاف مع الرسول الكريم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مسألةالربوبية على نحو من الأنحاء، وأنّ النبيالأعظم كان مكلّفاً بأن يفنّد رأيهم ويبطلعقيدتهم ولا يتخذ غير اللّه رباً على خلافما كانوا عليه، ومن المحتم أنّ خلاف النبيمع المشركين لم يكن حول مسألة «التوحيد فيالخالقية» بدليل أنّ الآيات السابقة تشهدفي غير إبهام بأنّهم كانوا يعترفون بأنّهلا خالق سوى اللّه تعالى، ولذلك فلا مناصمن الإذعان بأنّ الخلاف المذكور كان فيغير مسألة الخالقية، وليست هي إلاّ مسألةتدبير الكون، بعضه أو كلّه.د. (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىشَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَالْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذاغَافِلِينَ).(2)فقد أخذ اللّه في هذه الآية ـ من جميعالبشر ـ الإقرار بالتوحيد الربوبي، وكانتعلّة ذلك هي ما ذكره من أنّه سيحتج علىعباده بهذا الميثاق يوم القيامة، كمايقول:(أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّاذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْأَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ