مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
الْمُبْطِلُونَ)(1).إذا تبيَّن هذا فنقول: إنّ نزول هذه الآيةفي بيئة مشركة دليل ـ ولا شك ـ على وجودفريق معتد به في تلك البيئة كانوا يخالفونهذا الميثاق، فإذا كانت الربوبية بمعنىالخالقية استلزم ذلك أن يكون في تلكالبيئة من يخالفون النبي في الخالقية،ولكن الفرض هو عدم وجود أي اختلاف في مسألة«توحيد الخالقية» في عصر الرسالة، فلم يكنالمشركون في ذلك العصر مخالفين في هذهالمسألة ليعتبروا مخالفين للميثاقالمذكور، فلا محيص ـ حينئذ ـ من أنّ الخلافكان ـ آنذاك ـ في مسألة تدبير العالموإدارة الكون.وبهذا التقرير يكون معنى الرب في الآيةالمبحوث هنا هو المدبّر.هـ. (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَرَبِّيَ اللّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْبِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ)(2).تتعلّق هذه الآية بمؤمن آل فرعون الذي كانيدافع عن النبي موسى (عليه السلام) وراءقناع الصحبة والصداقة لآل فرعون، ويسعىتحت ستار الموافقة معهم أن يدفع الخطر عنذلك النبي العظيم، وأمّا دلالتها على كونالرب بمعنى المدبّر فواضحة، لأنّ فرعون ماكان يدّعي الخالقية للسماء والأرض ولاالشركة مع اللّه سبحانه في خلق العالموإيجاده، وهذه حقيقة يدلّ عليها تاريخالفراعنة أيضاً، وفي هذه الصورة يجب أنيكون المراد من دعوة النبي موسى بقوله:(ربي اللّه)هو حصر «التدبير» في اللّهسبحانه لا مسألة الخلق، ولو كانت تتعلّقبمسألة الخلق والإيجاد لما كان بينه وبينفرعون أي خلاف ونزاع، إذ المفروض اعتراففرعون بخالقية اللّه ـ كما أسلفنا ـ هذامضافاً إلى أنّ اللّه تعالى يقول في الآيةالسابقة