مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
وهذا الكلام صريح في أنّه جعل الاعتقادبهذه السلطة المهيمنة ملاكاً للاعتقادبالإلوهية، وقد صرّح بذلك في موضع آخر منكتابه حيث جعل ملاك الأمر في باب الإلوهيةهو الاعتقاد بأنّ الموجود المسؤول قادرعلى أن ينفع أو يضر بشكل خارج عن إطارالقوانين والسنن الطبيعية المألوفة، إذقال:فالذي يتخذ كائناً ما وليّاً له ونصيراًوكاشفاً عنه السوء، وقاضياً لحاجته،ومستجيباً لدعائه، وقادراً على أن ينفعه،كل ذلك بالمعاني الخارجة عن نطاق السننالطبيعية، يكون السبب لاعتقاده ذلك ظنّهفيه أنّ له نوعاً من أنواع السلطة على نظامهذا العالم، وكذلك من يخاف أحداً ويتّقيهويرى أنّ سخطه يجر عليه الضرر، ومرضاتهتجلب له المنفعة لا يكون مصدر اعتقاده ذلكوعمله إلاّ ما يكون في ذهنه من تصور أنّ لهنوعاً من السلطة على هذا الكون، ثم إنّالذي يدعو غير اللّه ويفزع إليه في حاجتهبعد إيمانه باللّه العلي الأعلى فلا يبعثهعلى ذلك إلاّ اعتقاده فيه أنّه له شركاً فيناحية من نواحي السلطة الإلوهية.(1)وصريح هذا الكلام هو التلازم بين القدرةعلى النفع والضرر، والاعتقاد بالسلطةالإلوهية، وإنّ كل قدرة على النفع والضررمن غير المجاري الطبيعية ينطوي علىالإلوهية، بالملازمة.وهذا جد عجيب من المودودي.إذا مضافاً إلى أنّ الاعتقاد بالإلوهيةلا يستلزم الاعتقاد بالسلطة في الطرفالآخر، بل يكفي الاعتقاد بكونه مالكاًللشفاعة والمغفرة كما كان عليه فريق منعرب الجاهلية، إذ كانوا يعتقدون في شأنأصنامهم بأنّها آلهتهم، لأنّها مالكة