مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
رجوع إلى الإذن الإلهي أو حاجة إلى ذلك،فإنّ من المحتّم أنّ هذا الطلب والاستشفاععبادة وإنّ الطالب يكون مشركاً حائداً عنطريق التوحيد، لأنّه طلب الفعل الإلهي وماهو من شؤونه من غيره.وأمّا لو استشفعنا بأحد هؤلاء الشفعاءونحن نعتقد بأنّه محدود مخلوق للّه لايمكنه الشفاعة لأحد إلاّ بإذنه، فهذاالطلب لا يختلف عن طلب الأمر العاديماهية، ولا يكون خارجاً عن نطاق التوحيد.وإنّ تصوّر أحد أنّ هذا العمل، أعني: طلبالشفاعة من أولياء اللّه، يشبه ـ في ظاهرهـ عمل المشركين، واستشفاعهم بأصنامهم،فهو تصوّر باطل بعيد عن الحقيقة.لأنّ التشابه الظاهري لا يكون أبداًمعياراً للحكم، بل المعيار الحقيقي للحكمإنّما هو: قصد الطالب، وكيفية اعتقاده فيحق الشافع، ومن الواضح جداً أنّ المعيارهو النيّات والضمائر، لا الأشكالوالظواهر، هذا مع أنّ الفرق بين العملينواضح من وجوه:أوّلاً: أنّه لامرية في أنّ اعتقادالموحّد في حق أولياء اللّه يختلف ـتماماً ـ عن اعتقاد المشرك في حق الأصنام.فإنّ الأصنام والأوثان كانت ـ في اعتقادالمشركين ـ آلهة صغاراً تملك شيئاً منشؤون المقام الإلوهي من الشفاعةوالمغفرة، بخلاف أهل التوحيد فإنّهميعتقدون بأنّ من يستشفعون بهم: عبادمكرمون لا يعصون اللّه وهم بأمره يعملون،وأنّهم لا يملكون من الشفاعة شيئاً، ولايشفعون إلاّ إذا أذن اللّه لهم أن يشفعوافي حق من ارتضاه.