مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
(أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوْاللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).(1)فاللّه الذي خلق جميع ذرات هذا العالموركّب أجزاءه ولاءم بين مختلفاته، هو الذييعلم ـ علماً تاماً ـ أسرار ما خلق، وهوالذي يعلم ما يصلح النفس الإنسانية ومايفسدها، أحسن من غيره.وهو بعلمه المطلق وإحاطته الواسعة أدرىمن غيره بعلاقات الأفراد، وأبعادهاوآثارها، ويعرف العناصر الصالحة لإقامةمجتمع صالح سعيد، فهو أدرى من غيرهبالقوانين التي تليق بالمجتمع الإنسانيوتسعده، هذا بالنسبة إلى الشرط الأوّل.وأمّا الشرط الثاني، أعني: تجرّد المشرّععن أيّ نوع من أنواع الهوى والنفعية،فلابد من الاعتراف بأنّه لا أحد هناك يتصفبهذه الصفة غيره سبحانه، فهو الموجودالوحيد الذي لا نفع له في المجتمعالإنساني ليخشى عليه ويحرص على حفظهوصيانته عند سن القوانين.فهو الذي تنزّه عن الغرائز، في حين يتصفجميع أبناء البشر بحب الذات ـ التي تعتبرمن أخطر آفات التشريع الصحيح ـ فهممشدودون إليها رغم سعيهم للتخلّص منمخالبها، ومتأثرون بها مهما حاولوا عدمالخضوع لسلطانها.وقد أشار جان جاك روسو إلى هذه الحقيقةبقوله:لاكتشاف أفضل القوانين المفيدة للشعوبلابد من وجود عقل يرى جميع الشهواتالبشرية، ولكن لا يجد في ذاته ميلاًنحوها، عقل لا يرتبط بالطبيعة ولا