مفاهیم القرآن جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
فهذه الآية تؤيد ما ذهب إليه علماء النفسمن خلو صفحة النفس من المعلومات في بدءتكونها، بلا فرق بين العلوم الفطريةوغيرها.والجواب عن هذا واضح بعد الوقوف على مقدمةوهي: انّ التصورات والتصديقات إمّا كسبيةأو بديهية، والكسبية إنّما يمكن تحصيلهابواسطة تركيب البديهيات فلابد من سبق هذهالعلوم البديهية.أمّا العلوم البديهية فلم تكن حاصلة فينفوسنا، بل حصلت هي أيضاً بمعونة الحواسكالسمع والبصر، فالطفل إذا أبصر أو سمعشيئاً مرّة بعد أُخرى ارتسمت ـ في ذهنه ـماهيّة ذلك المبصر أو المسموع، وكذا القولفي بقية الحواس.فالمدركات على قسمين: ما يكون نفس حضورهاموجباً تاماً في جزم الذهن باسناد بعضهاإلى بعض كما إذا حضر في الذهن إنّ الواحدما هو؟ وانّ نصف الاثنين ما هو؟ كان حضورهذين التصوّرين في الذهن علّة تامة في جزمالذهن بأنّ الواحد محكوم عليه بأنّه نصفالاثنين وهذا القسم هو عين العلومالبديهية.والقسم الثاني ما لا يكون كذلك، وهوالعلوم النظرية، مثلما إذا أُحضر في الذهنانّ الجسم ما هو؟ وإنّ المحدث ما هو؟ فإنّمجرد هذين التصوّرين لا يكفي في جزم الذهنبأنّ الجسم محدث بل لابد فيه من دليل منفصلوعلوم سابقة.وهذا هو الملاك في تقسيم العلوم إلىبديهية وكسبية(1).والآية ناظرة إلى العلوم الحصولية التيتنقسم إلى البديهي والنظري لا العلومالحضورية مثل علم النفس بذاتها، ولاالعلوم الفطرية التي ليس لها إلاّ قوةالعلم