و في الرّوايات المتعدّدة التي بينأيدينا من طرق الشيعة و أهل السنّة نقرأأنّ هذا السؤال عن الروح أخذه المشركون منعلماء أهل الكتاب الذين يعيشون مع قريش،كي يختبروا به رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم، إذ قالوا لهم: إذا أعطاكمالرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّممعلومات كثيرة عن الروح فهذا دليل على عدمصدقه، لذلك نراهم قد تعجبوا من إجابةالرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّمالمليئة بالمعاني رغم قصرها و قلّةكلماتها.و لكن نقرأ في بعض الرّوايات الواردة عنأهل البيت عليهم السّلام، في تفسير هذهالآية، أنّ الروح مخلوق أفضل من جبرائيل وميكائيل، و كان هذا المخلوق برفقة النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم و برفقةالأئمّة الصادقين عليهم السّلام من أهلبيته من بعده، حيث كان يعصمهم من أي انحرافأو زلل خلال مسيرتهم «1».إنّ هذه الرّوايات لا تعارض التّفسيرالذي قلناه، بل هي متناسقة معه و داعمة له،لأنّ الروح الإنسانية لها مراتب و درجات،فتلك المرتبة من الروح الموجودة عندالأنبياء و الأئمة عليهم السّلام، هي فيمرتبة و درجة عالية جدّا، و من آثارهاالعصمة من الخطأ و الذنب و كذلك يترتبعليها العلم الخارق. و بالطبع فإنّ روحامثل هذه هي أفضل من الملائكة بما في ذلكجبرئيل و ميكائيل. (فتدبّر)
أصالة و استقلال الرّوح
يظهر تأريخ العلم و المعرفة الإنسانيةأنّ قضية الروح و أسرارها الخاصّة كانتمحط توجّه العلماء، حيث حاول كل عالمالوصول إلى محيط الروح السري. و لهذا السببذكر العلماء آراء مختلفة و كثيرة حولالروح.و من الممكن أن تكون علومنا و معارفنااليوم- و كذلك في المستقبل- قاصرة عنالتعرف على جميع أسرار الروح و الإحاطةبتفصيلاتها، بالرغم من أنّ روحنا هي أقربشيء لدينا من جميع ما حولنا. و بسببالفوارق التي تفصل بين1- تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 215.