و لا بأس من ذكر الرّواية الشريفةعن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسّلام، و هي أن جماعة من الأطفال قالواللرضا عليه السّلام أيّام طفولته: أذهببنا نلعب، قال: «ما للعب خلقنا» و هذا ماأنزل اللّه تعالى وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَصَبِيًّا «1».يجب الالتفات إلى أن اللعب هنا هوالإشتغال بما لا فائدة فيه، و بتعبير آخرلا هدف يطلب منه، لكن قد يستتبع اللعب واللهو- أحيانا- هدفا منطقيا و عقلائيا ويسعى إليه، فمن البديهي أن لهذا اللعبحكما مستثنى.
4- شهادة يحيى
لم تكن ولادة يحيى عجيبة و مذهلة لوحدها،بل إنّ موته أيضا كان عجيبا من عدّة جهات،و قد ذكر أغلب المؤرخين المسلمين، و كذلكالمصادر المسيحية، مجرى هذه الشهادة علىهذه النحو، بالرغم من وجود اختلاف يسير فيخصوصياتها بين هذه المراجع:لقد أصبح يحيى ضحية للعلاقات غير الشرعيةلأحد طواغيت زمانه مع أحد محارمه، حيثتعلق «هروديس» ملك فلسطين اللاهث وراءشهواته ببنت أخته «هروديا» و هام فيغرامها، و ألهب جمالها قلبه بنار العشق، ولذلك صمم على الزواج منها! فبلغ هذا الخبرنبي اللّه العظيم يحيى عليه السّلام،فأعلن بصراحة أنّ هذا الزواج غير شرعي ومخالف لتعليمات التوراة، و سأقف امام مثلهذا العمل.لقد انتشر صخب و ضوضاء هذه المسألة في كلأرجاء المدينة، و سمعت تلك الفتاة(هيروديا) بذلك، فكانت ترى يحيى أكبر عائقفي طريقها، و لذلك صممت على الانتقام منهفي فرصة مناسبة لترفع هذا المانع من طريقشهواتها و ميولها، فعمقت علاقتها بخالها ووطدتها، و جعلت من جمالها مصيدة له، و قد1- نور الثقلين، الجزء 3، ص 325.