الدرس الآخر الذي نستفيد من حياة موسى وجهاده العظيم، هو أنّه حتى الأنبياء، و معامتلاكهم للمعجزات، كانوا يستعينونبالوسائل العادية الطبيعية، من البيانالبليغ و المؤثر، و من طاقات المؤمنين بهمالفكرية و الجسمية، في سبيل تقدم عملهم وتطوره، فليس صحيحا أن ننتظر المعاجز فيحياتنا دائما، بل يجب تهيئة البرامج وأدوات العمل، و الاستمرار في التقدمبالطرق و الوسائل الطبيعية، فإذا ماواجهتنا عقدة و معضلة، فيجب أن ننتظراللطف الإلهي هناك.
4- التسبيح و الذكر
لقد جعل موسى الهدف النهائي من طلباته-كما في الآيات محل البحث- هو: كَيْنُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَ نَذْكُرَكَكَثِيراً و معلوم أنّ التسبيح يعني تنزيهاللّه عن تهمة الشرك و النواقص الإمكانية،و معلوم أيضا أنّ مراد موسى عليه السّلاملم يكن تكرار جملة «سبحان اللّه» مرارا،بل كان الهدف إيجاد حقيقة التسبيح في ذلكالمجتمع الملوث في ذلك الزمان، فيقتلعواالأصنام، و يهدموا معابد الأوثان، و تغسلالأدمغة من أفكار الشرك، و ترفع النواقصالمادية و المعنوية.و بعد تنزيه المجتمع عن هذه المفاسد،عليهم أن يحيوا في القلوب ذكره تعالى و ذكرصفاته، و يجعلون الصفات الإلهية تشع فيأرجاء المجتمع، و التأكيد على كلمة«كثيرا» توحي بأنّه كان يريد أن يجعل هذاالأمر عاما، و أن يخرجه من الإختصاصبدائرة محدودة.
5- الرّسول الأعظم يكرر مطالب موسى
يستفاد من الرّوايات الواردة في كتب أهلالسنة و الشيعة أنّ النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم قد طلب من اللّه نفس تلكالمطالب التي طلبها موسى عليه السّلام مناللّه من أجل تقدم عمله،