و يفرّقوهم عن الأنبياء.و لكن موسى عليه السّلام لم يسكت أماماتّهام فرعون له، بل أجابه بلغة قاطعةيعرف فرعون مغزاها الدقيق، إذ قال له: قالَلَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِإِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِبَصائِرَ.لذا فإنّك- يا فرعون- تعلم بوضوح أنّكتتنكر للحقائق، برغم علمك بأنّها مناللّه! فهذه «بصائر» أي أدلة واضحة للناسكي يتعرفوا بواسطتها على طريق الحق. و عندما سيسلكون طريق السعادة. و بما أنّك- يافرعون- تعرف الحق و تنكره، لذا: وَ إِنِّيلَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً.(مثبور) من (ثبور) و تعني الهلاك.و لأنّ فرعون لم يستطع أن يقف بوجهاستدلالات موسى القوية، فإنّه سلك طريقايسلكه جميع الطواغيت عديمي المنطق في جميعالقرون و كافة الأعصار، و ذاك قوله تعالى:فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَالْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَ مَنْ مَعَهُجَمِيعاً.«يستفز» من «استفزاز» و تعني الإخراجبقوة و عنف.و من بعد هذا النصر العظيم: وَ قُلْنا مِنْبَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُواالْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِجِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً. فتأتون مجموعاتيوم القيامة للحساب.«لفيف» من مادة «لفّ» و هنا تعني المجموعةالمتداخلة المعقّدة بحيث لا يعرفالأشخاص، و لا من أي قبيلة هم!