بعد سلسلة من الذرائع التي تشبث بهاالمشركون امام دعوة الرّسول صلّى اللهعليه وآله وسلّم، نصل مع الآيات التي بينأيدينا إلى آخر ذريعة لهم، و هي قولهم:لماذا يذكر رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم الخالق بأسماء متعدّدة بالرغممن أنّه يدّعي التوحيد. القرآن ردّ علىهؤلاء بقوله: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوافَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى. إنّهؤلاء عميان البصيرة و القلب، غافلون عنأحداث و وقائع حياتهم اليومية حيث كانوايذكرون أسماء مختلفة لشخص واحد أو لمكانواحد، و كل اسم من هذه الأسماء كان يعرّفبشطر أو بصفة من صفات ذلك الشخص أو المكان.بعد ذلك، هل من العجيب أن تكون للخالقأسماء متعدّدة تتناسب مع أفعاله و كمالاتهو هو المطلق في وجوده و في صفاته و المنبعلكل صفات الكمال و جميع النعم، و هو وحدهعزّ و جلّ الذي يدير دفة هذا العالم والوجود؟أساسا، فانّ اللّه تعالى لا يمكن معرفته ومناجاته باسم واحد إذ ينبغي أن تكونأسماؤه مثل صفاته غير محدودة حتى تعبّر عنذاته، و لكن لمحدودية ألفاظنا- كما هيأشياؤنا الأخرى أيضا- لا نستطيع سوى ذكرأسماء محدودة له، و إنّ معرفتنا مهما بلغتفهي محدودة أيضا، حتى أنّ رسول اللّه صلّىالله عليه وآله وسلّم و هو من هو في منزلتهو روحه و علو شأنه، نراهيقول: «ما عرفناك حق معرفتك».إنّ اللّه تعالى في قضية معرفتنا إيّاه لميتركنا في أفق عقولنا و درايتنا الخاصّة،بل ساعدنا كثيرا في معرفة ذاته، و ذكر نفسهبأسماء متعدّدة في كتابه العظيم، و منخلال كلمات أوليائه تصل أسماؤه- تقدس وتعالى- إلى ألف اسم.و طبيعي أنّ كل هذه أسماء اللّه، و أحدمعاني الأسماء العلّامة، لذا فإنّ هذهعلامات على ذاته الطاهرة، و جميع هذهالخطوط و العلامات تنتهي إلى نقطة