و قد احتمل الطبرسي أن يكون اللّه منعالمشركين عن رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم عن طريق إلقاء الخوف و الرعب فيقلوبهم «1».أمّا الرازي فيقول في ذلك: «إنّ هذه الآيةنزلت في قوم كانوا يؤذون رسول اللّه صلّىالله عليه وآله وسلّم إذا قرأ القرآن علىالناس.روي أنّه عليه الصلاة و السّلام كان كلّماقرأ القرآن قام عن يمينه رجلان و عن يسارهآخران من ولد قصي يصفقون و يصفرون و يخلطونعليه بالأشعار».ثمّ أضاف: «و روي عن ابن عباس، أنّ أباسفيان و النضر بن الحرث و أبا جهل و غيرهمكانوا يجالسون النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم و يستمعون إلى حديثه، فقال النضريوما: ما أدري ما يقول محمّد غير أنّي أرىشفتيه تتحركان بشيء. و قال أبو سفيان:إنّي لأرى بعض ما يقوله حقّا، و قال أبوجهل: هو مجنون. و قال أبو لهب: هو كاهن. (!!!) وقال حويطب بن عبد العزى: هو شاعر، فنزلتالآية أعلاه:وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنابَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ ... «2».
التفسير
المغرورون و موانع المعرفة
بعد الآيات السابقة قد يطرح الكثيرون هذاالسؤال: رغم وضوح قضية التوحيد بحيث أنّجميع مخلوقات العالم تشهد بذلك فلما ذا-اذن- لا يقبل المشركون هذه الحقيقة و لاينصاعون للآيات القرآنية بالرغم منسماعهم لها؟الآيات التي نبحثها يمكن أن تكون جواباعلى هذا السؤال، إذ تقول الآية الأولىفيها: وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَجَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَلا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباًمَسْتُوراً. و هذا الحجاب و الساتر هو نفسهالتعصّب و اللجاجة و الغرور1- مجمع البيان، المجلد الثّالث، صفحة 418.2- التّفسير الكبير، المجلد 20، صفحة 220- 221.