جوهرة الروح و بين ما نأنس به من عوالمالمادة، فإنّنا لن نحيط بأسرار و كنهالروح، أعجوبة الخلق، و المخلوق الذييتسامى على المادة.و لكن كل هذا لا يمنعنا من رؤية أبعادالروح بعين العقل، و أن نتعرف على النظم والأصول العامّة الحاكمة عليها.إنّ أهم أصل يجب أن نعرفه هو قضية أصالة واستقلال الروح، في مقابل آراء المذاهبالوضعية التي تذهب إلى مادية الروح، وأنّها من افرازات الذهن و الخلايا العصبيةو لا شيء غير ذلك! و سنبحث هذا الموضوعهنا و نتوسع فيه، لأنّ مسألة (بقاء الروح) وقضية (التجرد المطلق أو عالم البرزخ)يعتمدان على هذا الأمر.و لكن قبل الورود في البحث لا بدّ من ذكرملاحظة هامّة، و هي أن تعلق الروح بجسمالإنسان ليست- و كما يظن البعض- من نوعالحلول، و إنّما هي نوع من الارتباط والعلاقة القائمة على أساس حاكمية الروحعلى الجسم و تصرفها و تحكمها به، حيثيشبهها البعض بعلاقة تعلق المعنى وارتباطه باللفظ.هذه المسألة- طبعا- ستتوضح أكثر ضمنحديثنا عن استقلال الروح.و الآن لنرجع إلى أصل الموضوع.لا يشك أحد في أنّ الإنسان يختلف عنالحجارة و الخشب، لأنّنا نشعر- بشكل جيّد-بأنّنا نختلف عن الجمادات، بل و حتى عنالنباتات، فنحن نفهم و نتصوّر و نصمّم، ونريد، و نحب، و نكره، و ... الخ.إلّا أنّ الجمادات و النباتات ليس لها أيّمن هذه الإحساسات، لذلك فثمّة فرق أساسيبيننا و بينها و يتمثل في امتلاكنا للروحالإنسانية.ثمّ إنّه لا الماديون و لا أي مجموعةفكرية مذهبية أخرى تنكر أصل وجود الروح، ولذلك يعتبرون علوما مثل علم النفس(سيكولوجيا)، و علم العلاج النفسي(بسيكاناليزم) من العلوم المفيدة والواقعية، و هذين العلمين بالرغم من