نفس قابلية الفهم، في حين أنّنا نعرف أنّواقع الحال ليس كذلك. و خلاصة القول:إنّ الوضع الاستثنائي لإدراكنا دليل علىأنّ هناك حقيقة أخرى كامنة فيها، بحيث أنّنظامها و القوانين المتحكمة فيه تختلف عنالقوانين و النظم الفيزيائية والكيميائية. (فتدبّر ذلك).
ثانيا: وحدة الشخصية
الدليل الآخر على استقلال الروح وتمايزها هو مسألة وحدة الشخصية في طول عمرالإنسان.إذا أردنا نشك في كل شيء، فإنّنا لانستطيع أن نشك في موضوع وجودنا (أي مقولة:أنا موجود) و ليس ثمّة شك في وجودي و فيعلمي بوجودي أو ما يصطلح عليه بـ «العلمالحضوري» و ليس «العلم الحصولي» أي أنّنيموجود عند نفسي و غير منفصل عنها.على أي حال إنّ معرفتنا بأنفسنا من أوضحمعلوماتنا، و لا تحتاج إلى استدلال وإثبات.أمّا بالنسبة للاستدلال المشهور الذياستدلّ به الفيلسوف الفرنسي ديكارت حولوجوده، و الذي يقول فيه (بما أنّني أفكرفإذن أنا موجود) فهو استدلال زائد و غيرصحيح، لأنّه قبل أن يثبت وجوده اعترفمرّتين بوجوده (المرّة الأولى عند ما يقول:إنّني، و الثّانية عند ما يقول: أنا) هذا منجانب.و من جانب ثان فإنّ (إنّني) هذه منذ بدايةالعمر حتى نهايته واحدة فـ (إنّني اليوم)هي نفسها (إنّني بالأمس) و هي نفسها (إنّنيمنذ عشرين عاما) فـ (أنا) منذ الطفولة و حتىالآن تعبير عن شخص واحد لا أكثر، إنّني نفسذلك الشخص الذي كنت و سأبقى إلى آخر عمرينفس ذلك الشخص، و ليس شخصا آخر، طبعا خلالهذه الفترة يكون الإنسان قد درس و تعلم ووصل إلى مراحل عالية