مجهولية الروح و أسرارها و قياسهابمجهولية القرآن و أسراره. و لكن العلاقةالتي أشرنا إليها آنفا تبدو أكثر من هذاالربط «1».على أية حال فإنّ اللّه يخاطب رسوله صلّىالله عليه وآله وسلّم و يقول له: قُلْلَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِوَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍظَهِيراً.إنّ هذه الآية دعت- بصراحة- العالمينجميعهم، صغارا و كبارا، عربا و غير عرب،الإنسان أو أي كائن عاقل آخر، العلماء والفلاسفة و الأدباء و المؤرخين و النوابغو غيرهم ... لقد دعتهم جميعا لمواجهةالقرآن، و تحدّيه الكبير لهم، و قالت لهم:إذا كنتم تظنون أنّ هذا الكلام ليس منالخالق و أنّه من صنع الإنسان، فأنتم أيضابشر، فأتوا إذا بمثله، و إذا لم تستطيعواذلك بأجمعكم، فهذا العجز أفضل دليل علىإعجاز القرآن.إنّ هذه الدّعوة للمقابلة و التي يصطلحعليها علماء العقائد بـ «التحدّي» هي أحدأركان المعجزة، و عند ما يرد هذا التعبيرفي أي مكان، نفهم بوضوح أنّ هذا الموضوع هومن المعجزات.
و نلاحظ في هذه الآية عدّة نقاط ملفتةللنظر:
1- عمومية دعوة التحدّي و التي تشمل كلالبشر و الموجودات العاقلة الأخرى.2- خلود دعوة التحدّي و استمرارها، إذ هيغير مقيّدة بزمان، و على هذا الأساس فإنّهذا التحدّي اليوم جار مثلما كان في أيّامالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وسيبقى كذلك1- يراجع في ظلال القرآن، ج 5، ص 358.