يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ إِنْ نَشَأْنُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِآيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَهاخاضِعِينَ.الآية التي بعدها تجسّد وضع هذا العالم وتكشف عن أنّه ساحة للاختبار و التمحيص والبلاء، و توضح الخط الذي ينبغي أن يسلكهالإنسان: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَىالْأَرْضِ زِينَةً لَها.لقد ملأنا العالم بأنواع الزينة، بحيثأنّ كلّ جانب فيه يذهب بالقلب، و يحيّرالأبصار، و يشير الدوافع الداخلية فيالإنسان، كيما يتسنى امتحانه في ظل هذهالإحساسات و المشاعر و وسط أنواع الزينة وأشكالها، لتظهر قدرته الإيمانية، ومؤهلاته المعنوية.لذلك تضيف الآية مباشرة قوله تعالى:لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُعَمَلًا.أراد بعض المفسّرين حصر معنى ما عَلَىالْأَرْضِ بالعلماء أو بالرجال فقط، ويقولوا: إنّ هؤلاء هم زينة الأرض، في حينأنّ لهذه الكلمة مفهوما واسعا يشمل كلالموجودات على الكرة الأرضية.و الظّريف هنا استخدام الآية لتعبيرأَحْسَنُ عَمَلًا و ليس (أكثر عملا) و هيإشارة إلى أنّ حسن العمل و كيفيته العاليةهما اللذان يحدّدان قيمته عند ربّالعالمين، و ليس كثرة العمل أو كميته.على أي حال فإنّ هنا إنذار لكل الناس، لكلالمسلمين كي لا ينخدعوا في ساحة الاختباربزينة الحياة الدنيا، و بدلا من ذلك عليهمأن يفكروا بتحسين أعمالهم.ثمّ يبيّن تعالى أنّ أشياء الحياة الدنياليست ثابتة و لا دائمة، بل مصيرها إلىالمحو و الزوال: وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ماعَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً.«صعيد» مشتقّة من «صعود» و هي هنا تعنيوجه الأرض، الوجه الذي يتّضح فيه التراب.