إذا رأيت الشمس حين طلوعها لرأيت أنّهاتطلع من جهة يمين الغار، و تغرب من جهةالشمال: وَ تَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْتَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَالْيَمِينِ وَ إِذا غَرَبَتْتَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ.و على هذا الأساس لم يكن ضوء الشمس يصل إلىأجسادهم بشكل مباشر، و هو أمر لو حصل فقديؤدي إلى تلف أجسادهم، و لكن الأشعة غيرالمباشرة كانت تدخل الغار بمقدار كاف.إنّ عبارة (تزاور) التي تعني (التمايل)تؤكّد على هذا المعنى، و كأنّ الشمس كانتمأمورة بأن تمرّ من اليمين (يمين الغار). وكلمة (تقرض) التي تعني (القطع) تؤكّد نفسمفهوم السابق، و إضافة إلى هذا فإنّ كلمة«تزاور» المشتقّة من كلمة (الزيارة)المقارنة لبداية الشيء تناسب مفهوم طلوعالشمس. (و تقرض) تعني القطع و النهاية و هومعنى يتجلى في غروب الشمس.و لأنّ فتحة الغار كانت إلى الشمال فإنّالرياح اللطيفة و المعتدلة كانت تهب منطرف الشمال و كانت تدخل بسهولة إلى داخلالغار، و تؤدي الى تلطيف الهواء في جميعزوايا الغار.ثانيا: وَ هُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ لقدكان أولئك في مكان واسع من الغار، و هذايدل على أنّهم لم يأخذوا مستقرّهم في فتحةالغار التي تتسم بالضيق عادة، بل إنّهمانتخبوا وسط الغار مستقرا لهم كي يكونوابعيدين عن الأنظار، و بعيدين أيضا عنالأشعة المباشر لضوء الشمس.و هنا يقطع القرآن تسلسل الكلام و يستنتجنتيجة معنوية، حيث يبيّن أنّ الهدف من ذكرهذه القصة هو لتحقيق هذا الغرض: ذلِكَ مِنْآياتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُفَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ يُضْلِلْفَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً.