فيه النداء الإلهي: وَ يَوْمَ يَقُولُنادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ.لقد كنتم تنادونهم عمرا كاملا، و كنتمتسجدون لهم، و اليوم و بعد أن أحاطت بكمأمواج العذاب في ساحة الجزاء، نادوهمليأتوا لمساعدتكم و لو لساعة واحدة فقط.هناك ينادي الأشخاص الذين لا تزال ترسباتأفكار الدنيا في عقولهم:فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوالَهُمْ. فلم يجيبوا على ندائهم، فكيفبمساعدتهم و انقاذهم!! وَ جَعَلْنابَيْنَهُمْ مَوْبِقاً «1».ثمّ تقول الآية التي بعدها موضحة عاقبةالذين اتبعوا الشيطان و المشركين:وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ.لقد انكشفت لهم النّار التي لم يكونوايصدّقون بها أبدا، و ظهرت أمام أعينهم، وحينئذ يشعرون بأخطائهم، و يتيقنون بأنّهمسيدخلون النّار و ستدخلهم:فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها.ثمّ يتيقنون أيضا أنّ لا منقذ لهم منها: وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً.فلا تنقذهم اليوم منها لا معبوداتهم و لاشفاعة الشفعاء، و لا الكذب أو التوسّلبالذهب و القوّة، إنّها النّار التي يزدادسعيرها بسبب أعمالهم.ينبغي الالتفات هنا إلى أنّ جملة «ظنّوا»بالرغم من أنّها مشتقّة من «الظن» إلّاأنّها في هذا المورد، و في موارد أخرى تأتيبمعنى اليقين، لذا فإنّ الآية (249) من سورةالبقرة تستخدم نفس التعبير بالرغم منأنّها تتحدث عن المؤمنين الحقيقيين والمجاهدين المرابطين الذين كانوا معطالوت لقتال جالوت الجبّار الظالم، إذتقول: قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَأَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْفِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةًكَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ. 1- «موبق» من «وبوق» على وزن «نبوغ» و هيتعني الهلاك، و (موبق) تقال للمهلكة.