و في نهج البلاغة نقرأ قول أمير المؤمنينعليه السّلام: «مسكين ابن آدم .. تؤلمهالبقة، و تقتله الشرقة، و تنتنه العرقة»«1».بعد ذلك ينتقل العالم إلى بيان سر الحادثةالثّانية التي قتل فيها الفتى فيقول:وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُمُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْيُرْهِقَهُما طُغْياناً وَ كُفْراً.تحتمل مجموعة من المفسّرين أنّ المقصودمن الآية ليس ما يتبيّن من ظاهرها من أنّالفتى الكافر و العاصي قد يكون سببا فيانحراف أبويه، و إنّما المقصود أنّه بسببمن طغيانه و كفره يؤذي أبويه كثيرا «2» ولكن التّفسير الأوّل أقرب للصحة.في كل الأحوال، فإنّ الرجل العالم قامبقتل هذا الفتى، و اعتبر سبب ذلك ما سوفيقع للأب و الأم المؤمنين في حال بقاءالابن على قيد الحياة.و سوف نجيب في فقرة البحوث على شبهة(القصاص قبل الجناية) التي ترد على أعمالالخضر هذه.كلمة (خشينا) تستبطن معنى كبيرا، فهذاالتعبير يوضح أنّ هذا الرجل العالم كانيعتبر نفسه مسئولا عن مستقبل الناس، و لميكن مستعدا لأن تصاب أم أو أب مؤمنان بسوءبسبب انحراف ابنهم.كما إنّ تعبير (خشينا) جاء هنا بمعنى: لمنكن نرغب، و إلّا لا معنى للخوف في هذهالموارد بالنسبة لشخص بهذا المستوى منالعلم و الوعي و القدرة.و بعبارة أخرى، فإنّ الهدف هو الاتقاء منحادث سيء نرغب أن نقي الأبوين منه علىأساس المودّة لهما.و يحتمل أن يكون التعبير بمعنى (علمنا) كماينقل عن ابن عباس، يعني أنّنا 1- نهج البلاغة، الكلمات القصار الجملةرقم 419.2- وفق التّفسير الأوّل يكون الفعل «يرهق»متعديا إلى مفعولين: الأوّل (هما)، والمفعول الثّاني (طغيانا)، أمّا وفقالتّفسير الثّاني فإن (طغيانا) و (كفرا)يكونان مفعولا لأجله.