و فيما يخص يأجوج و مأجوج سنتحدث عنهم فينهاية هذا البحث إن شاء اللّه.أمّا ذو القرنين فقد أجابهم: قالَ مامَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ، و أنّي لاأحتاج إلى مساعدتكم المالية و إنّما:فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْبَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً.كلمة «ردم» على وزن «طرد» و هي في الأصلتعني ملء الشق بالأحجار، إلّا أنّهافيما بعد أخذت معنى واسعا بحيث شمل كل سد،بل و شمل حتى ترقيع الملابس.يعتقد بعض المفسّرين أنّ كلمة «ردم» تقالللسد القوي «1»، و وفقا لهذا التّفسير فإنّذا القرنين قد وعدهم بأكثر ممّا كانواينتظرونه.كما أنّه يجب الانتباه إلى أنّ «سد» علىوزن «قد»، و «سدّ» على وزن «قفل» هما بمعنىواحد، و هو الحائل الذي يفصل بين شيئين،إلّا أنّ البعض- كما يقول الراغب- وضع فرقابين الإثنين، فالأوّل هو من صناعةالإنسان، و الثّاني هو الحائل الطبيعي.ثمّ أمر ذو القرنين فقال: آتُونِي زُبَرَالْحَدِيدِ.«زبر» جمع «زبرة» على وزن (غرفة)، و تعنيالقطع الكبيرة و الضخيمة من الحديد.و عند ما تهيأت قطع الحديد أعطى أمرا بوضعبعضها فوق البعض الآخر حتى غطّي بينالجبلين بشكل كامل: حَتَّى إِذا ساوىبَيْنَ الصَّدَفَيْنِ.«صدف» تعني هنا حافة الجبل، و يتّضح منهذا التعبير أنّ هناك شقا بين حافتي الجبلحيث كان يأجوج و مأجوج يدخلان منه، و قدصمم ذو القرنين ملأ هذا الشق.الأمر الثّالث لذي القرنين هو طلبه منهمأن يجلبوا الحطب و ما شابهه، 1- «الآلوسي» في «روح المعاني»، و الفيضالكاشاني في تفسير «الصافي»، و الفخرالرازي في «التّفسير الكبير».