«أحتنكن» مشتقّة من «احتناك» و هي تعنيقطع جذور شيء ما، لذا فعند ما يأكلالجراد المزروعات تقول العرب: احتنكالجراد الزرع، لذا فإنّ هذا القول يشيرإلى أن إبليس سيحرف كل بني آدم عن طريقاللّه و طاعته، إلّا القليل منهم.و يحتمل أن تكون كلمة (احتنكن) مشتقة من(حنك) و هي المنطقة التي تحت البلعوم، فعندما يوضع الحبل في رقبة الحيوان تقول العرب(احتنك الدابة)، و في الواقع، فإنّ الشيطانيريد أن يقول بأنّه سيضع حبل الوسوسة فيأعناق الناس و يجرهم إلى طريق الغواية والضلال.و هكذا كان، فقد أعطي الشيطان إمكانيةالبقاء و الفعالية حتى يتحقق الاختبارللجميع، و يكون وجوده سببا لتمحيص واختبار المؤمنين الحقيقيين لأنّ الإنسانيشتدّ عزمه عند ما تهاجمه الحوادث و يقوىعوده في مواجهة الأعداء، لذلك قالت الآية:قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْفَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءًمَوْفُوراً. و بهذه الوسيلة للاختبارينكشف الفاشل من الناجح في الامتحانالإلهي الكبير.ثمّ ذكرت الآيات بعد ذلك- بأسلوب جميل-الطرق التي ينفذ منها الشيطان و الأساليبالتي يستخدمها في الوسوسة و الإغواءفقالت:وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَمِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ...وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ...وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ ..وَ عِدْهُمْ ...ثمّ يجيء التحذير الإلهي: وَ مايَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً... (أ رأيتك) بمعنى (أخبرني) جوابها محذوف وتقديرها (أخبرني عن هذا الذي كرمته عليّ،لم كرمته عليّ و قد خلقتني من نار؟). و لكنهناك احتمال آخر، و هو أنّ (أ رأيت) هي فينفس معناها الأصلي و لا يوجد محذوف فيالجملة، و بشكل عام تعطي هذا المعنى: هللاحظت هذا الموجود الذي فضلته عليّ، فإذاأبقيتني على قيد الحياة سترى بأنّي سأضلأكثر أبنائه. (احتمال الثّاني أوفق فيتركيب الآية و معناها).