«الوفد»- على وزن وعد- في الأصل بمعنىالجماعة الذين يذهبون إلى الكبار لحلمشاكلهم، و يكونون مورد احترام و تقدير، وعلى هذا فإنّ الكلمة تتضمن معنى الاحترامو التكريم، و ربّما كان ما نقرؤه في بعضالرّوايات من أن المتقين يركبون مراكبسريعة السير، و يدخلون الجنة باحترامبالغ، لهذا السبب.يقول الإمام الصادق عليه السّلام: «سألعلي عليه السّلام رسول اللّه صلّى اللهعليه وآله وسلّم عن تفسير قوله عزّ و جلّ:يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَىالرَّحْمنِ وَفْداً فقال: يا علي، الوفدلا يكون إلا ركبانا، أولئك رجال اتقوااللّه عزّ و جلّ، فأحبّهم و اختصهم و رضيأعمالهم فسمّاهم المتقين» «1».الملفت للنظر أنّنا نقرأ في الآية: أنّالمتقين يحشرون إلى الرحمن، في حين أنّالكلام في الآية التالية عن سوق المجرمينإلى جهنم، و على هذا ألم يكن من المناسب أنيقال: (الجنة) هنا بدل (الرحمن)؟إلّا أنّ هذا التعبير- في الحقيقة- يشيرإلى نكتة مهمة، و هي أن المتقين يحصلونهناك على ما هو أسمى من الجنّة، فهميقتربون من اللّه و تجلياته الخالصة، ويدركون رضاه الذي هو أسمى و أغلى منالجنّة. و تعبيرات الحديث الذي قرأناه منقبل عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّمتشير إلى هذا المعنى أيضا.ثمّ تقول في المقابل: وَ نَسُوقُالْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداًكما تساق الإبل العطشى إلى محل الماء،إلّا أنّه لا ماء هناك، بل نار جهنم.ينبغي الالتفات إلى أن كلمة (ورد) تعنيمجموعة من البشر أو الحيوانات التي تردالمياه، و لما كان هؤلاء الجماعة عطاشىحتما، فإن المفسّرين فسروا هذا التعبيرهنا بأنّهم يردونها عطاشى.كم هو الفرق بين أولئك الذين يذهبون بهمإلى الرحمن بكل عزة و احترام، تهبالملائكة لاستقبالهم، و يحيوهم بالسلام،و بين أولئك الذين يساقون 1- نور الثقلين، الجزء 3، ص 359.