يذهب بكل الحواجز و أستار التقليد والتعصّب اللاصقة على صفاء الفطرةالإنسانية، لينكشف نور الفطرة الذي هو نورالتوحيد و الإيمان و العبودية للّه دونغيره.نعم في هذه اللحظات، في لحظات الضرّ ينقطعالإنسان عن جميع المعبودات التصورية والوهمية و الخيالية التي سبق و أن أعطاهاقوّة بسبب أوهامه، و تمحى من ذهنهفاعليتها و وجودها و تتلاشى و تذوب تماماكما يذوب الجليد في شمس الصيف و لا يبقىحين ذاك سوى نور الأنوار ... نور اللّه جلّجلاله.إنّ الآية تعبّر عن قانون عام، عرفه كلّمن جرّب ذلك، حيث تؤدي المشاكل و الصعوباتالحادة التي يمرّ بها الإنسان- و يصلالسكين العظم- إلى الغاء كل الأسبابالظاهرية التي كان يتعلق بها الإنسان، وتنعدم فاعلية العلل المادية التي كانيتشبث بها، و تنقطع كل الأسباب، إلّاالسبب الذي يصل الإنسان بمصدر العلم والقدرة المطلقتين، و الذي هو- لوحدهسبحانه و تعالى- قادر على حال أعقدالمشكلات ... ليس مهمّا هنا ما الذي نسمّيفيه هذه الحالة، و إنّما المهم أنّ نعلم أنقلب الإنسان في هذه الحالة ينفتح علىالأمل بالخلاص، و تغمر القلب بنور خاصلطيف. و هذه المنعطفات هي واحدة من أقربالطرق إلى اللّه، إنّها طريق ينبع من داخلالروح و من سويداء القلب. «1»ثمّ تضيف الآية: فَلَمَّا نَجَّاكُمْإِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَ كانَالْإِنْسانُ كَفُوراً.مرّة أخرى تغطي حجب الغرور و الغفلة والتعصب هذا النور الإلهي، و يغطي غبارالعصيان و الذنوب و ملاهي الحياة الماديةفطرة الإنسان و وجدانه.و لكن هل تظنون أنّ اللّه لا يستطيع أنينزل بكم عقابه الشديد و أنتم على (1) طالع الشّرح الكامل للتوحيد الفطري فيكتاب (خالق العالم)، و لا حظه أيضا في نهايةالآية (14) من سورة النحل حيث أشرنا إلى هذهالمسألة.