تركزت كل الوسائل و المنظمات الإعلامية والاقتصادية و السياسية في قبضتهم، فإذا ماأصلح هؤلاء، أو قلعت جذورهم عند عدمالتمكن من إصلاحهم، فيمكن أن يؤمن خلاص ونجاة المجتمع، و إلّا فإنّ أي إصلاح يحدثفإنّه سطحي و مؤقت و زائل.و الملفت للنظر أن دليل وجوب الابتداءبفرعون ذكر في جملة قصيرة: إِنَّهُ طَغىحيث جمع في كلمة (طغيان) كل شيء .. الطغيانو تجاوز الحدود في كل أبعاد الحياة، و لذلكيقال هؤلاء الأفراد: طاغوت.و مضافا إلى أنّ موسى عليه السّلام لميستوحش و لم يخف من هذه المهمّة الثقيلةالصعبة، و لم يطلب من اللّه أي تخفيف فيهذه المهمة، فإنّه قد تقبلها بصدر رحب،غاية ما في الأمر أنّه طلب من اللّه أسبابالنصر في هذه المهمة. و لما كان أهم و أولأسباب النصر الروح الكبيرة، و الفكرالوقاد، و العقل المقتدر، و بعبارة أخرى:رحابة الصدر، فقد قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِيصَدْرِي.نعم إنّ أوّل رأسمال لقائد ثوري هو رحابةالصدر، و الصبر الطويل، و الصمود والثبات، و الشهامة و تحمل المشاكل والمصاعب، و لذلك فإنّنا نقرأفي حديث عن أمير المؤمنين عليه السّلام:«آلة الرياسة سعة الصدر» «1».و قد بحثنا الصدر و معناه في ذيل الآية (125)من سورة الأنعام.و لما كان هذا الطريق مليئا بالمشاكل والمصاعب التي لا يمكن تجاوزها إلّا بلطفاللّه، فقد طلب موسى من اللّه في المرحلةالثّانية أن تيسر له أموره و أعماله، و أنتذلل هذه العقبات التي تعترضه، فقال: وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي.ثمّ طلب موسى أن تكون له قدرة على البيانبأعلى المراتب فقال: وَ احْلُلْ عُقْدَةًمِنْ لِسانِي فصحيح أن امتلاك الصدر الرحبأهم الأمور و الأسس، إلّا أنّ بلورة هذاالأساس تتمّ إذا وجدت القدرة على إراءته وإظهاره بصورة كاملة، 1- نهج البلاغة، الكلمات القصار، الحكمة176.