بيان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمنع النساء الصلاة معه في المسجد ولا الخلفاء الراشدون بعده رضى الله عنهم
الصلاة ، و كلفة في الاسحار و الظلمة و الزحمة ( 1 ) و الهواجر الحارة و فى المطر و البرد ، فلو كان فضل هذا العمل الزائد منسوخا لم يخل ضرورة من أحد وجهين لا ثالث لهما : إما أن تكون صلاتها في المسجد و المصلى مساوية لصلاتها في بيتها ، فيكون هذا العمل كله لغوا و باطلا ، و تكلفا و عناء و لا يمكن ذلك أصلا ، و هم لا يقولون بهذا ، أو تكون صلاتها في المساجد و المصلى منحطة الفضل عن صلاتها في بيتها كما يقول المخالفون ، فيكون العمل المذكور كله اثما حاطا من الفضل و لا بد ، اذ لا يحط من الفضل في صلاة ما عن تلك الصلاة بعينها عمل زائد إلا و هو محرم ، و لا يمكن هذا ، و ليس هذا من باب ترك أعمال مستحبة في الصلاة ، فيحط ذلك من الاجر لو عملها ، فهذا لم يأت بإثم لكن ترك أعمال بر ، و أما من عمل عملا تكلفه في صلاته فأتلف بعض أجره الذي كان يتحصل له لو لم يعمله ، و أحبط بعض عمله : فهذا عمل محرم بلا شك و لا يمكن هذا ، و ليس في الكراهة اثم أصلا ، و لا إحباط عمل ، بل فيه ( 2 ) عدم الاجر و الوزر معا ، و انما الاثم إحباط على الحرام فقط ( 3 ) و قد اتفق جميع أهل الارض أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يمنع النساء قط الصلاة معه في مسجده إلى أن مات عليه السلام ، و لا الخلفاء الراشدون بعده ، فصح أنه عمل منسوخ ، فاذ لا شك في هذا فهو عمل بر ، و لو لا ذلك ما أقره عليه السلام ، و لا تركهن يتكلفنه بلا منفعة ، بل بمضرة ، و هذا العسر و الاذى ، لا النصيحة ، و اذ لا شك في هذا فهو الناسخ و غيره المنسوخ .هذا لو صح ذانك الحديثان ، فكيف و هما لا يصحان روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن هشام بن عروة :1 - الزحمة الزحام و هي فصيحة ( 2 ) الاحسن أن يكون ( فيها ) ( 3 ) كذا في الاصل