مذهب أبى حنيفة التفصيل في قدر النجاسة وموضعها وبيان أقوال صاحبيه وحججهم في ذلك والنظر فيها
مذهب الشافعى بأن المصلى بالنجاسة يعيد أبداناسيا كان أو عامدا ، ورد ذلك
فرض و لا يصليها إلا بنية الفرض ، فمن أصلكم الذي لم تختلفوا فيه : ان الفرض يصلى أبدا ، و لا يسقط بخروج الوقت فيه ، فهذا تناقض و هدم لاصلكم .و ان كانت تطوعا و تأمرونه بأن يدخل فيها بنية التطوع فان الفرض لا يجزئ بدل التطوع في الدنيا ، و لا يحل لاحد أن يتعمد ترك الفرض و يصلى التطوع عوضا من الفرض ، و لا يحل لاحد ان يفتيه بذلك بلا خلاف من أحد ، بل هو خروج إلى الكفر بلا شك ، و ان قلتم : لا يصليها بنية فرض و لا تطوع كان هذا باطلا متيقنا لقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( إنما الاعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى ) فهذا لا عمل له ، إذ لا نية له ، و لا شيء له ، فقد أمرتموه بالباطل الذي لا يحل و أما الشافعي فانه قال : يعيد أبدا في العمد و النسيان قال علي : و هذا خطأ ، لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( رفع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه ) ، و لقول الله تعالى ( ليس عليكم جناح فيما أخطاتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم ) و قال أبو حنيفة : من كانت النجاسة في موضع قدميه في الصلاة و كانت أكثر من الدرهم البغلى أى نجاسة : بطلت صلاته عامدا كان أو ناسيا فان كانت قدر الدرهم البغلي فأقل ، فصلاته تامة في العمد و النسيان فان كانت أكثر من قدر الدرهم البغلى ، و كانت في موضع وضع يديه أو في موضع وضع ركبتيه أو حذاء إبطيه : فصلاته تامة في العمد و النسيان .و اختلف عنه إذا كانت في موضع وقوع جبهته في السجود ، فمرة قال : صلاته تامة في العمد و النسيان ، و مرة قال : صلاته باطلة في العمد و النسيان ، و به يقول زفر ، و قال أبو يوسف كذلك في كل ما ذكرنا ، إلا أنه قال : ان كانت في موضع سجوده فسدت تلك السجدة وحدها خاصة و كأنه لم يسجدها و ان سجدها ما دام في صلاته تمت صلاته و إن لم يسجدها