اشتراه ثم وكله في إعتاقه أما إذا كان عن عوض فلا يصح تقدير البيع فيكون الولاء للمعتق لعموم قوله عليه السلام ( الولاء للمعتق ) و عن أحمد مثل ذلك و لنا أنه وكيل في الاعتاق فكان الولاء للمعتق عنه كما لو أخذ عوضا فانه كما يجوز تقدير البيع فيما إذا أخذ عوضا يجوز تقدير الهبة إذا لم يأخذ عوضا فان الهبة جائزة في العبد كما يجوز البيع و الخبر مخصوص بما إذا أخذ عوضا و كسائر الوكلاء فنقيس عليه محل النزاع ( مسألة ) قال ( و من قال أعتق عبدك عني و علي ثمنه فالثمن عليه و الوطء للمعتق عنه ) لا نعلم في هذه المسألة خلافا و ان الولاء للمعتق عنه لكونه أعتقه عنه بعوض و يلزمه الثمن لانه أعتقه عنه بشرط العوض فيقدر ابتياعه منه ثم توكيله في عتقه ليصح عتقه عنه فيكون الثمن عليه و الولاء له كما لو ابتاعه منه ثم وكله في عتقه ( مسألة ) قال ( و لو قال أعتقه و الثمن علي كان الثمن عليه و الولاء للمعتق ) إنما كان الثمن عليه لانه جعل له جعلا على إعتاق عبده فلزمه ذلك بالعمل كما لو قال من بني لي هذا الحائط فله دينار فبناه إنسان استحق الدينار و الولاء للمعتق لانه لم يأمره بإعتاقه عنه و لا قصد به المعتق ذلك
(253)
فلم يوجد ما يقتضي صرفه اليه فيبقى للمعتق عملا بقوله عليه السلام ( الولاء للمعتق ) ( فصل ) و من أوصى أن يعتق عبده بعد موته فأعتق فالولاء له ، و كذلك لو وصى بعتق عبده و لم يقل عني فأعتق كان الولاء له لان الاعتاق من ماله ، و ان أعتق عنه ما يجب إعتاقه ككفارة و نحوها فقد مضى ذكرها فيما تقدم ( مسألة ) قال ( و من أعتق عبدا له أولاد من مولاة لقوم جر معتق العبد ولاء أولاده ) و جملة ذلك أن الرجل إذا أعتق أمته فتزوجت عبدا فأولدها فولدها منه أحرار و عليهم الولاء لمولى أمهم يعقل عنهم و يرثهم إذا ماتوا لكونه سبب الانعام عليهم بعتق أمهم فصاروا لذلك أحرارا فان أعتق العبد سيده ثبت له عليه الولاء و جر اليه ولاء أولاده عن مولى أمهم لان الاب لما كان مملوكا لم يكن يصلح وارثا و لا وليا في نكاح فكان ابنه كولد الملاعنة ينقطع نسبه عن ابنه فثبت الولاء لمولى أمه و انتسب إليها فإذا عتق العبد صلح الانتساب اليه و عاد وارثا عاقلا وليا فعادت النسبة اليه و إلى مواليه بمنزلة ما لو استلحق الملاعن ولده هذا قول جمهور الصحابة و الفقهاء يروى هذا عن عمر و عثمان و علي و الزبير و عبد الله و زيد بن ثابت و مروان و سعيد بن المسيب و الحسن و ابن سيرين و عمر بن عبد العزيز و النخعي و به قال مالك و الثوري و الاوزاعي و الليث و أبو حنيفة و أصحابه و الشافعي و إسحاق و أبو ثور .و يروى عن رافع بن خديج ان
(254)
الولاء لا ينجر عن موالى الام و به قال مالك بن أوس بن الحدثان و الزهري و ميمون بن مهران و حميد ابن عبد الرحمن و داود لان الولاء لحمة كلحمة النسب و النسب لا يزول عمن ثبت له فكذلك الولاء و قد روي عن عثمان نحو هذا و عن زيد و أنكرهما ابن اللبان و قال : مشهور عن عثمان انه قضى الولاء للزبير على رافع بن خديج و لنا ان الانتساب إلى الاب فكذلك الولاء و لذلك لو كانا حرين كان ولاء ولدهما لمولى أبيه فلما كان مملوكا كان الولاء لمولى الام ضرورة فإذا أعتق العبد الاب زالت الضرورة فعادت النسبة اليه و الولاء الي مواليه .و روى عبد الرحمن عن الزبير انه لما قدم خيبر رأى فتية لعسا فأعجبه ظرفهم و جمالهم فسأل عنهم فقيل له موالي رافع بن خديج و أبوهم مملوك لآل الحرقة فاشترى الزبير أباهم فأعتقه و قال لاولاده انتسبوا الي فان ولاءكم لي فقال رافع بن خديج الولاء لي فانهم عتقوا بعتقي أمهم فاحتكموا إلى عثمان فقضى بالولاء للزبير فاجتمعت الصحابة عليه .اللعس سواد في الشفتين تستحسنه العرب و مثله اللمي قال ذو الرمة : لمياء في شفتيها حوة لعس و في اللثات و في أنيابها شنب ( فصل ) و حكم المكاتب يتزوج في كتابته فيأتي له أولاد ثم يعتق حكم العبد القن في جر الولاء و كذلك المدبر و المعلق عتقه بصفة لانهم عبيد فان المكاتب عبد ما بقي عليه درهم
(255)
( فصل ) إذا أنجر الولاء إلى موالي الاب ثم انقرضوا عاد الولاء إلى بيت المال و لم يرجع إلى موالي الام بحال في قول أكثر أهل العلم .و حكي عن ابن عباس انه يعود ا إلى موالي الام و الاول أصح لان الولاء جرى مجرى الانتساب .و لو انقرض الاب و أباؤه لم تعد النسبة إلى الام كذلك الولاء فإذا ثبت هذا فولدت بعد عتق الاب كان ولاء ولدها لموالي أبيه بلا خلاف فان نفاه باللعان عاد ولاؤه إلى موالي الام لانا نتبين انه لم يكن له أب ينتسب اليه فان عاد فاستلحقه عاد الولاء إلى موالي الاب ( فصل ) و لا ينجر الولاء الا بشروط ثلاثة [ أحدها ] أن يكون الاب عبدا حين الولادة فان كان حرا و زوجته مولاة لم يخل اما أن يكون حر الاصل فلا ولاء عليه و لا على ولده بحال و ان كان مولى ثبت الولاء على ولده لمواليه ابتداء و لا جر فيه ( الثاني ) أن تكون الام مولاة فان لم تكن كذلك لم تخل إما أن تكون حرة الاصل فلا ولاء على ولدها بحال و هم أحرار بحريتها أو تكون أمة فولدها رقيق لسيدها فان أعتقهم فولاؤهم له لا ينجر عنه بحال سواء أعتقهم بعد ولادتهم أو أعتق أمهم جاملا فعتقوا بعتقها لان الولاء يثبت بالعتق مباشرة فلا ينجر عن المعتق لقوله عليه السلام ( الولاء لمن أعتق ) و ان أعتقها المولى فأتت بولد لدون ستة أشهر فقد مسه الرق و عنق بالمباشرة فلا ينجر ولاؤه .و ان أتت به لاكثر من ستة أشهر مع بقاء الزوجية لم يحكم بمس الرق له و انجر ولاؤه لانه يحتمل أن يكون حادثا بعد العتق فلم يمسه الرق و لم يحكم برقه بالشك ، و ان كانت المرأة بائنا و أتت بولد
(256)
لاربع سنين من حين الفرقة لم يلحق بالاب و كان ولاؤه لمولى أنه و ان أتت به لاقل من ذلك لحقه الولد و انجر ولاؤه و ولد الامة مملوك سواء كان من نكاح أو من سفاح عربيا كان الزوج أو أعجميا ، و هذا قول عامة الفقهاء .و عن عمر ان كان زوجها عربيا فولده حر و عليه قيمته و لا ولاء عليه و عن أحمد مثله و به قال ابن المسيب و الثوري و الاوزاعي و أبو ثور ، و به قال الشافعي في القديم ثم رجع عنه ، و الاول أولى لان أمهم أمة فكانوا عبيدا كما لو كان أبوهم أعجميا [ الثالث ] أن يعتق العبد سيده فان مات على الرق لم ينجر الولاء بحال و هذا لا خلاف فيه فان اختلف سيد العبد و مولى الام في الاب بعد موته فقال سيده مات حرا بعد جر الولاء و أنكر ذلك مولى الام فالقول قول مولى الام ، ذكره أبو بكر لان الاصل بقاء الرق ، و هذا مذهب الشافعي ( فصل ) فان لم يعتق الاب و لكن عتق الجد فقال أحمد لا يجر الولاء ليس هو كالأَب و بهذا قال أبو حنيفة و صاحباه .و عن أحمد انه يجره و به قال شريح و الشعبي و النخعي و أهل المدينة و ابن أبي ليلي و الحسن بن صالح و ابن المبارك و أبو ثور و ضرار بن صرد و الشافعي في أحد قوليه فان أعتق الاب بعد ذلك جره عن موالي الجد اليه لان الجد يقوم مقام الاب في التعصيب و أحكام النسب فكذلك في جر الولاء .و قال زفر ان كان الاب حيا لم يجر الجد الولاء و ان كان ميتا جره و هو القول الثاني للشافعي و لنا ان الاصل بقاء الولاء لمستحقه و انما خولف هذا الاصل للاتفاق على انه ينجر
(257)
يعتق الاب ، و الجد لا يساويه بدليل انه لو عتق الاب بعد الجد جره عن موالى الجد اليه و لو أسلم الجد لم يتبعه ولد ولده و لان الجد يدلي بغيره و لا يستقر الولاء عليه فلم يجر الولاء كالاخ و كونه يقوم مقام الاب لا يلزم أن ينجر الولاء اليه كالاخ و على القول الآخر لا فرق بين الجد القريب و البعيد لان البعيد يقوم مقام الاب كقيام القريب و يقتضي هذا أنه متى عتق البعيد فجر الولاء ثم عتق من هو أقرب منه جر الولاء اليه ثم ان عتق الاب جر الولاء لان كل واحد يحجب من فوقه و يسقط تعصيبه وارثه و ولايته و لو لم يعتق الجد لكن كان حرا و ولده مملوك فتزوج مولاة قوم فاولدها أولادا فولاؤهم لمولى أمهم و عند من يقول يجر الجد الولاء يكون لمولى الجد و ان لم يكن الجد مولى بل كان حر الاصل فلا ولاء على ولد أبيه فان أعتق أبوه بعد ذلك لم يعد على ولده ولاء لان الحرية ثبتت له من ولاء فلم يتجدد عليه ولاء كالحر الاصلي ( فصل ) و إذا كان أحد الزوجين الحرين حر الاصل فلا ولاء على ولدهما سواء كان الآخر عربيا أو مولى لان الام ان كانت حرة الصل فالولد يتبعها فيما إذا كان الاب رقيقا في ابقاء المرق و الولاء فلان يتبعها في نفي الولاء وحده أولى و إن كان الاب حر الاصل فالولد يتبعه فيما إذا كان عليه ولاء بحيث يصير الولاء عليه لمولى ابيه فلان يتبعه في سقوط الولاء عنه أولى ، و هذا قول أكثر أهل العلم و سواء كان لاب عربيا أو أعجميا و قال أبو حنيفة إن كان أعجميا و الام مولاة ثبت الولاء على ولده
(258)
و ليس بصحيح لانه حر الاصل فلم يثبت الولاء على ولده كما لو كان عربيا و سواء كان مسلما أو ذميا أو حربيا أو مجهول النسب أو معلومه و هذا قول أبي يوسف و مالك و ابن شريح و قال القاضي ان كان مجهول النسب ثبت الولاء على ولده لمولى الام إن كانت مولاة قال ابن اللبان و هذا ظاهر مذهب الشافعي و قال الخبري و هذا قول أبي حنيفة و محمد و أحمد لان مقتضى ثبوته لمولى الام موجود و انما امتنع في محل الوفاق بحرية الاب فإذا لم يكن معلومه فقد وقع الشك في المنافع فيبقى على الاصل و لا يزول عن اليقين بالشك و لا يترك العمل بالمقتضي مع الشكك في المانع و لنا أن الاب حر محكوم بحريته فأشبه معروف النسب و لان الاصل في الآدميين الحرية و عدم الولاء فلا يترك هذا الاصل بالوهم في حق الولد كما لم يترك في حق الاب و قولهم مقتضى ثبوته لمولى الام موجود ممنوع فانه انما ثبت لمولى الام بشرط رق الاب و هذا الشرط منتف حكما و ظاهرا و ان سلمنا وجود المقتضي فقد ثبت المانع حكما فان الاب حريته ثابتة حكما فلا تعويل على ما قالوه و ان كان الاب مولى و الام مجهولة النسب فلا ولاء عليه في قولنا و قياس قول القاضي و الشافعي أن يثبت الولاء عليه لمولى ابنه لانا شككنا في المانع من ثبوته و لنا ما ذكرنا في التي قبلها و لان الام لا تخلوا من أن تكون حرة الاصل فلا ولاء على ولدها أو أمة فيكون ولدها عبدا أو مولاة فيكون على ولدها و لا لمولى أبيه و الاحتمال الاول راجح لوجهين