هل يأمر النبي بإطاعة الأمير كائناً من كان ؟
هل يأمر النبي بإطاعة الأمير كائناً من كان؟!وممّا ذكرناه يظهر أن ما جاء في هذا الحديث من أنه صلى الله عليه وآله وسلم
يأمر بـ « السمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً » ... كذب قطعاً ... وأن هذا من زيادات
أمثال « أسد بن وداعة »... ويشهد بذلك عدم جزم الراوي بأن النبي قاله ... لأن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يأذن بأن يتسلّط على رقاب الناس إلا من توفّرت
فيه الصفات والشروط التي اعتبرها الشرع والعقل ، ولا يجوزـ فضلاً عن أن يأمر ـ
الاستسلام والانصياع التامّ لمن تأمّر وتولى شؤون المسلمين كيفما كان وكيفما تسلط !وعلى الجملة ، فإن هذه الفقرة من الحديث إنما زيدت فيه ـ بناء على صدوره
في الأمل ـ لحمل الناس على إطاعة معاوية وعماله وإن ظلموا وجاروا ، وإن فسقوا
وفجروا...إنها زيدت فيه كما زيد تعليل مفاده بأنه « فإنما المؤمن ... »
ويؤكد ما ذكرنا اضطراب القوم كذلك في معناها ، ونكتفي بما ذكره شارحا
الترمذي :قال ابن العربي : « قوله : اسمعوا وأطيعوا. يعني ولاة الأمر وإن تأمر عليكم عبد
حبشي.فقال علماؤنا : إن العبد لا يكون والياً...والذي عندي : أن النبي أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير اهله حتى توضع
الولاية في العبيد ، فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا. تغليباً لأهون الضررين ، وهو الصبر
على ولاية من لا تجوز ولايته ، لئلا يغير ذلك فيخرج منه إلى فتنة عمياء صمّاء لا دواء
لها ولا خلاص منها » (1) .وقال المباركفوري : « قوله : أي صار أميراً أدنى الخلق فلا تستنكفوا عن طاعته .
(1) عارضة الأحوذي 10|145 .