مسكة ، ولذا قال النووي : « وليس كذلك » .وأما الوجه الثاني فقد عرفت ما فيه من كلام النبي .وأما الوجه الثالث فاظرف الوجوه ، فإنه احتمال أن يكون فهم أبوبكر!!
الإمامة العظمى!! وعلم ما في تحمّلها من الخطر؟! علم قوة عمر على ذلك
فاختاره !! ولم يعلم النبي بقوّة عمرعلى ذلك فلم يختره !! وإذا كان علم من عمر
ذلك فعمر أفضل منه وأحق بالإمامة العظمى !!لكن الوجه الوجيه أنه كان يعلم بان الأمر لم يكن من النبي صلى الله عليه
وآله وسلّم ، وعمر كان يعلم ـ أيضاً ـ بذلك ، ولذا قال له في الجواب : « أنت أحق
بذلك » وقوله لعمر : « صل بالناس » يشبه قوله للناس في السقيفة : « بايعوا أي
الرجلين شئتم » يعني : عمر وأبا عبيدة ...
7 - خروج النبي معتعمداً على رجلين :
7 - خروجه معتمداً على رجلين :إنه وإن لم يتعرّض في بعض ألفاظ الحديث لخروج النبي إلى الصلاة أصلاً
وفي بعضها إشارة إليه ولكن بلا ذكر لكيفية الخروج ... إلأ أن في اللفظ المفصل
ـ وهوخبرعبيدالله عن عائشة ، حيث طلب منها أن تحدثه عن مرض رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ـ جاء : « ثم إن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وجد
من نفسه خفة ، فخرج بين رجلين أحدهما العبّاس » .وفي حديث آخر عنها : « وخرج النبي يهادي بين رجلين ، كاني أنظر إليه
يخط برجليه الأرض » .وفي ثالث : « فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله في نفسه خفة ، فقام
يهادي بين رجلين ، ورجلاه تخطّان في الأرض حتى دخل المسجد » .وفي رابع : « فوجد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم من نفسه خفة ،
فخرج وإذا أبوبكر يؤمّ الناس » .وفي خامس : « فخرج أبوبكر فصلى بالناس ، فوجد رسول الله من نفسه
خفة ، فخرج يهادى بين رجلين ورجلاه تخطّان في الأرض » .
أقول :
هنا نقاط نلفت إليها الأنظار على ضوء هذه الأخبار :أ ـ متى خرج أبو بكر للصلاة ؟
1 - متى خرج أبو بكر إلى الصلاة؟
إنه خرج إليها والنبي في حال غشوة ، لأنه لما وجد في نفسه خفة خرج
معتمداً على رجلين ...
ب ـ متى خرج رسول الله ؟
2 - متى خرج رسول الله ؟
إنه خرج عند دخول أبي بكر في الصلاة ، فهل كانت الخفة التي وجدها في
نفسه في تلك اللحظات صدفةً ، بان رأى نفسه متمكناً من الخروج فخرج على
عادته أو أنه خرج عندما علم بصلاة أبي بكر إما بإخبار مخبر ، أو بسماع صوت أبي
بكر؟ إنه لا فرق بين الوجهين من حيث النتيجة ، فانه لو كان قد أمر أبابكر
بالصلاة في مقامه لما بادر إلى الخروج وهو على الحال التي وصفتها الأخبار!
ج ـ كيف خرج رسول الله ؟
3 - كيف خرج رسول الله ؟
لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقادر على المشي بنفسه ، ولا كان
يكفيه الرجل الواحد بل خرج معتمداً على رجلين ، بل إنهما أيضاً لم يكفياه ،
فرجلاه كانتا تخطّان في الأرض ، وإن خروجاً ـ كهذا ـ ليس إلآ لأمر يهم الإسلام
والمسلمين ، وإلاّ فقد كان معذوراً عن الخروج للصلاة جماعة ، كما هو واضح ...
فان كان خروج أبي بكر إلى الصلاة بامر منه فقد جاء ليعزله ، كما كان في قضية
إبلاغ سورة التوبة حيث أمر أبابكر بذلك ثمّ أمربعزله وذاك من القضايا
الثابتة المتفق عليها ، لكنه لم يكن بامر منه للوجوه التي ذكرناها ...( 61 ]
د ـ على من كان معتمداً ؟
4 - على من كان معتمداً
واختلفت الألفاظ التى ذكرناها فيمن كان معتمدا عليه ـ مع الاتفاق على
كونهما اثنين ـ فمنها : « رجلين أحدهما العباس » ومنها : « رجلين » ومنها : « فقال :
انظروا لي من أتكى عليه ، فجاءت بريرة ، ورجل آخر فاتكا عليهما » . وهناك
روايات فيها أسماء أشخاص آخرين ...ومن هنا اضطربت كلمات الشرّاح ...فقال النووي بشرح « فخرج بين رجلين أحدهما العباس » :وفسّر ابن عباس الآخر بعلي بن أبي طالب . وفي الطريق الآخر : فخرج ويد
له على رجل آخر ، وجاء في غيرمسلم : بين رجلين أحدهما أسامة بن زيد.
وطريق الجمع بين هذا كله : إنهم كانوا يتناوبون الأخذ بيده الكريمة تارة هذا
وتارة ذاك وذاك ، ويتنافسون في ذلك . وأكرموا العبّاس باختصاصه بيد
واستمرارها له ، لما له من السن والعمومة وغيرها ، ولهذا ذكرته عائشة مسمى
وأبهمت الرجل الآخر ، إذ لم يكن أحد الثلاثة الباقين ملازماً في جميع الطريق ولا
معظمه ، بخلاف العباس ، والله أعلم »(1) .وفي خبر آخر عند ابن خزيمة عن سالم بن عبيد : « فجاءوا ببريرة ورجل آخر
فاعتمد عليهما ثم خرج إلى الصلاة »(2).ترى أن « الرجل الآخر » في جميع هذه الطرق غيرمذكور ، فاضطر النووي
إلى ذكر توجيه لذلك ، بعد أن ذكر طريق الجمع بين ذلك كله ، لئلا يسقط شيء
منها عن الاعتبار!! بعد أن كانت القضية واحدة ...وروى أبوحاتم أنه خرج بين جاريتين ، فجمع بين الخبرين بانه « خرج بين
(1) المنهاج شرح مسلم هامش ارشاد الساري 3|57 .(2) عمدة القاري 5|187 .