(3) تأمّلات في متن ودلالة حديث الاقتداء
**
قد أشرنا في المقدّمة إلى استدلال القوم بحديث الاقتداء في باب الخلافة
والإمامة وفي الفقه والاصول في مسائل مهمّة ...
فقد استدلّ به القاضي البيضاوي في كتابه الشهير « طوالع الأنوار في علم
الكلام » وابن حجر المكي في « الصواعق المحرقة » وابن تيميّة في « منهاج السنة » وولي
الله الدهلوي ـ صاحب : حجّة الله البالغة ـ في كتابه « قرة العينين في تفضيل
الشيخين » .... ومن الطّريف جداً أن هذا الأخير ينسب رواية الحديث إلى البخاري
ومسلم ... وهذه عبارته :
« قوله صلى الله عليه [وآله] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
فعن حذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم : اقتدوا باللذين من
بعدي أبي بكر وعمر متّفق عليه .
وعن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : اقتدوا
باللذين من بعدي من أأحابي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار وتمسكوا بعهد
ابن مسعود. أخرجه الترمذي »(1) .
إذ لا يخفى أن النسبة كاذبة ... إلآ أن يكون « متفق عليه » اصطلاحاً خاصاً
بالدهلوي ، يعني به اتفاقهما على عدم الإخراج!!
واستدل به الشيخ علي القاري .... ووقع فيما وقع فيه الدهلوي ... فقد جاء في
« شرح الفقه الأكبر » : « مذهب عثمان وعبدالرحمن بن عوف : أن المجتهد يجوز له أن
يقلّد غيره إذا كان أعلم منه بطريق الدين ، وأن يترك اجتهاد نفسه ويتبع اجتهاد
غيره . وهو المروي عن أبي حذيفة ، لاسيما وقد ورد في الصحيحين : اقتدوا باللذين من
(1) قرّة العينين : 189 .