6 - تقديم أبي بكر عمر :ثم إنه قد جاء في بعض تلك الأحاديث المذكورة تقديم أبي بكرلعمرـ بل
ذكر ابن حجر أن إلحاح عائشة كان بطلب من أبيها أبي بكر(1) ـ ... وقد وقع
القول من أبي بكرـ قوله لعمر : صل بالناس ـ موقع الإشكال كذلك ، لأنه لوكان
الآمر بصلاة أبي بكر هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يقول أبوبكر لعمر :
صل بالناس ؟! فذكروا فيه وجوها :
أحدها :
ما تأوّله بعضهم على أنه قاله تواضعاً .والثاني :
ما اختاره النووي ـ بعد الرد على الأوّل ـ وهو أنه قاله للعذرالمذكور ، أي كونه رقيق القلب كثير البكاء ، فخشي أن لا يسمع الناس !
والثالث :
ما احتمله ابن حجر ، وهو : أن يكون فهم من الإمامة الصغرىالإمامة العظمى ، وعلم ما في تحملها من الخطر ، وعلم قوة عمر على ذلك
فاختاره(2).وهذه الوجوه ذكرها الكرماني قائلاً : « فإن قلت : كيف جاز للصدّيق مخالفة
أمر الرسول ونصب الغير للإمامة؟! قلت : كانه فهم أن الأمر ليس للإيجاب . أو
أنه قال للعذر المذكور ، وهوأنه رجل رقيق كثير البكاء لا يملك عينه . وقد تأوّله
بعضهم بانه قال تواضعاً »(3).
قلت :
أما الوجه الأوّل فتأويل ـ وهكذا أولوا قوله عند ما استخلفه الناسوبايعوه : « ولّيتكم ولست بخيركم »(4)ـ لكنه ـ كما ترى ـ تاويل لا يلتزم به ذو
(1) فتح الباري 1|123 .(2) فتح الباري 1|123.(3) الكواكب الدراري ـ شرح البخاري 5|70 .(4) طبقات ابن سعد 3|182 .