(يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله
) (1) وقد تبع في ذلك إمامه
مالك بن أنس كما في فتح الباري (2) لكن من الغريب جداً قول ابن العربي
المالكي : « قوله تعالى (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله
) أصل في ترك التعرض
لأقوال النبي ، وإيجاب أتباعه والاقتداء به ، ولذلك قال النبي في مرضه : مروا
أبابكر فليصل بالناس . فقالت عائشة لحفصة : قولي له : إن أبابكر رجل أسيف ،
وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس من البكاء ، فمر علياً(3) فليصل بالناس ،
فقال النبي : إنكن لأنتن صواحب يوسف ، مروا أبابكر فليصل بالناس .
يعني بقوله : صواحب يوسف الفتنة بالرد عن الجائز إلى غير الجائز »(4).
أقول :
إن الرجل يعلم جيداً بأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لم يتمثل
بقوله : « إنكن صواحب يوسف » إلا لوجود فتنة من المرأتين ، فحرف الحديث من
« فمر عمر » إلى « فمر علياً » ليتم تشبيه النبي المرأتين بصويحبات يوسف ، لأن
المرأتين أرادتا الرد عن الجائز « وهو صلاة أبي بكر! » إلى غير الجائز « وهو صلاة
علي ! ».
إذن ، جميع أحاديث المسألة باطلة .
(1) سورة الحجرات 49 : 1 .
(2) فتح الباري 3|139 .
(3) فكان الحديث بثلاثة ألفاظ 1ـ « فمر غيره » 2ـ « فمر عمر » 3ـ « فمر علياً » وهذا من جملة
التعارضات الكثيرة الموجودة بين ألفاظ هذه القضيّة الواحدة !! لكنا نغض النظر عن التعرّض له
خوفاً من الإطالة ... إلأ أنه لا مناص من ذكر الأمر الأغرب من هذا الرجل ! وهو التناقض
والتعارض الموجود بين هذا الذي نقلناه عن كتابه (أحكام القرآن) وبين الموجود في كتابه الآخر
(العواصم من القواصم : 192) حيث يقول في سياق ردّه وطعنه على الإماميّة ! : « ولا تستغربوا
هذا من قولهم ، فهم يقولون إن النبي كان مدارياً لهم معينا لهم على نفاقٍ وتقية وأين أنت من قول
النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم حين سمع قول عائشة : مروا عمر فليصل بالناس ـ : انكن لأنتن
صواحب يوسف ، مروا أبابكر فليصل بالناس » .
(4) أحكام القرآن 4|145 .