موجز فی أصول الفقه جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
أعني: ترك الفعل. ولكن الحق أنّ الهيئة في الأوامر وضعتللبعث إلى الفعل، وفي النواهي وضعت للزجر،لأنّ الأمر يلازم غالباً ما فيه المصلحة،والنهي يلازم غالباً ما فيه المفسدة،فالأوّل يناسبه البعث إمّا بالجوارحكالإشارة بالرأس واليد، أو باللفظ كالأمربه; والثاني يناسبه الزجر وهو أيضاً إمّابالاشارة باليد والرأس، أو باللفظ، فكأنّالأمر والنهي يقومان مقام البعث والزجربالأعضاء. وعلى ضوء ذلك فالأمر والنهي متّحدان منحيث المتعلّق (الطبيعة)، مختلفان من حيثالحقيقة والمبادئ والآثار. أمّا الاختلاف من حيث الحقيقة، فالأمربعث إنشائي والنهي زجر كذلك. وأمّا من حيث المبادئ فمبدأ الأمر هوالتصديق بالمصلحة والاشتياق إليها، ومبدأالنهي هو التصديق بالمفسدة والإنزجارعنها. وأمّا من حيث الآثار فإنّ الإتيانبمتعلّق الأمر إطاعة يوجب المثوبة،والإتيان بمتعلّق النهي معصية توجبالعقوبة. وبذلك يظهر أنّ النزاع القائم بينالأُصوليين منذ عصور بعيدة ممّا لا موضوعله حيث إنّهم اختلفوا في أنّ متعلّق النهيهو الترك ونفس «أن لا تفعل» أو الكف، وقدعرفت أنّ المتعلّق في النهي هو نفسالمتعلّق في الأمر وهو الطبيعة بما هي هي،فهما متّحدان في المتعلّق مختلفان من حيثمفاد الهيئة حيث إنّ مفادها في الأمر بعثوفي الآخر زجر. فليس لهذا البحث موضوع إذ لا دلالة للنهيبهى(1)ئته ولا بمادته على شيء وراء ذلك حتىيُبحث عنه، أعني: ترك الفعل، أو الكفّ عنهو يتردّد معناه بين الأمرين.