الأمر السادس: علامات الحقيقة و المجاز
إذا استعمل المتكلم لفظاً في معنى معيّن،فلو عُلِم انّه موضوع له، سمِّي هذاالاستعمال حقيقيّاً، و أمّا إذا شُكّ فيالمستعمل فيه وأنّه هل هو الموضوع له أولا؟ فهناك علامات تميّز بها الحقيقة عنالمجاز.1. التبادر:
هو انسباق المعنى إلى الفهم من نفس اللفظمجرّداً عن كلّ قرينة، و هذا يشكِّلُدليلاً على أنّ المستعمل فيه معنى حقيقيّ،إذ ليس لحضور المعنى في الذهن سبب سوى أحدأمرين، إمّا القرينة، أو الوضع، و الأوّلمنتف قطعاً كما هو المفروض، فيثبت الثاني.إشكال:وقد يظن أنّ العلم بالوضع، متوقّفعلى التبادر، و هو بدوره متوقف على العلمبالوضع حسب الفرض، إذ لولا العلم بأنّاللفظ موضوع لذلك المعنى، لما تبادر منهالمعنى، و هذا دور واضح.
والجواب: انّ الدور منتف، لأنّ المستعلِمبالتبادر، إمّا أن يكون من أهل اللسان أولا؟
فعلى الأوّل، فالعلم التفصيلي بأنّالمستعمل فيه هو الموضوع له موقوف علىالتبادر عند المستعلم، و لكن التبادر عندهموقوف على العلم الارتكازي الحاصل لهنتيجة نشوئه و اختلاطه مع أهل اللسان منذصباه.