إذا اتضح ذلك، فاعلم أنّ الدليل علىالإجزاء هي الملازمة العرفية بين الأمربتطبيق العمل على ما تفرضه الأمارة والأصل، و الإجزاء عند ظهور الخلاف.
بيان الملازمة:إذا أمر المولى عبده بأنيهيّئ له دواءً ليتعافى من مرضه وأمرهبالرجوع إلى صيدلي ماهر، فعيّن له كميةالدواء و كيفيته ونوعية الأجزاء المركّبةله، فاتّبع العبد إرشادات الصيدليّ الذيجعل قوله حجّة في هذا الباب، ثمّ بان خطأالصيدلي في ذلك، فالعرف يعدُّ العبدممتثلاً لأمر مولاه، و يرى عمله مسقطاًللتكليف، من دون إيجابه بالقيام مجدَّداًبتحضير الدواء.
ومثله ما إذا أمر عبده ببناء دار وأمرهبالرجوع إلى مهندس متخصص و معمار ماهر، واتبع العبد أوامره فبنى الدار، ثمّ بانخطأ المهندس أو المعمار، فإنّ العبد يُعدّمعذوراً و العمل مجزئاً.
سؤال: انّ العبد و إن كان معذوراً لعدمتقصيره في القيام بالمأمور به، بل التقصيريرجع إلى الأمارة التي أمر المولى بتطبيقالعمل على وفقها، لكن غرض المولى بعدُ لميُستوفَ، فتجب الإعادة و القضاء لذلك.
جوابه: انّه لو علم العبد أنّ غرض المولىبعدُ لم يستوف لزم عليه تجديد العمل، كماإذا أمر بإحضار الماء للتوضؤ، فأتى به ثمّتلف، لكن الكلام فيما إذا لم يعلم ذلك، واحتمل اجتزاء المولى بما أتى به العبد منالعمل غير التام لما في إيجاب الإعادة والقضاء من الحرج الذي يوجب رغبة الناس عنالدين، وعدم إقبالهم عليه ـ و مع هذاالاحتمال ـ لا تجب الإعادة و لا القضاء ولايجب على المكلّف تحصيل الغرض المحتمل.