2. القول بوجوب المقدّمة الموصلة
استدل صاحب الفصول على هذا القول بوجوهأمتنها هو ما يلي:إنّ الحاكم بالملازمة بين الوجوبين هوالعقل، و لا يرى العقل إلاّ الملازمة بينوجوب الشيء و وجوب ما يقع في طريق حصوله وسلسلة وجوده، و فيما سوى ذلك لا يدرك العقلأية ملازمة بينهما.
وأجاب عنه المحقق الخراساني بأنّ العقلالحاكم بالملازمة دلّ على وجوب مطلقالمقدّمة لا خصوص ما إذا ترتب عليهاالواجب لثبوت مناط الوجوب في مطلقها و عدماختصاصه بالمقيد بذلك منها.
وحاصل كلامهما: أنّ صاحب الفصول يدّعي انّملاك وجوب المقدّمة هو الوصول إلى ذيها،فيختص الوجوب بالموصلة منها; و يدّعىالمحقّق الخراساني انّ ملاك وجوبها هو رفعالإحالة و إيجاد التمكن، و هو موجود فيجميعها.
والحقّ مع صاحب الفصول ـ على فرض وجوبالمقدّمة ـ لأنّ الغاية تُحدِّد حكم العقلو تضيِّقه، و ذلك لأنّ التمكّن من ذيالمقدّمة و إن كان غاية لوجوبها لكنّهاليست تمامها، و الغاية التامة هي كونالمقدّمة الممكِّنة موصلة لما هوالمطلوب، و إلاّفلو لم تكن موصلة لما أمربها، لأنّ المفروض انّ المقدّمة ليستمطلوبة و إنّما تطلب لأجل ذيها.
وإن شئت قلت: إنّ المطلوب الذاتي هوالتوصل خارجاً، دون التوقف و رفع الإحالة،فلو فرض إمكان التفكيك بينهما، لكانالملاك هو التوصل خارجاً دون التوقّف.
و بما أنّ المقدّمة في متن الواقع علىقسمين يتعلّق الوجوب بالقسم الموصل فيالواقع و نفس الأمر دون غيره.