المبحث الثالث: استفادة الوجوب من أساليبأُخرى
إنّ للقرآن و السنّة أساليب أُخرى في بيانالوجوب والإلزام غير صيغة الأمر، فتارةيعبّر عنه بلفظ الفرض والكتابة مثل قولهسبحانه: (قَدْفَرَضَ اللّهُ لَكُمْتَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ)(التحريم/2).وقال:(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيام)(البقرة/182)،و قال: (إِنَّ الصلاةَ كانَتْ عَلىالمُؤْمِنينَ كِتاباًمَوقُوتاً)(النساء/103).وأُخرى يجعل المكلّف به في عهدة المكلّفإلى أن يخرج عن عهدته قال: (وَ للّهِ عَلَىالنّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطاعَإِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران/97).
وثالثة يخبر عن وجود شيء في المستقبلمشعراً بالبعث الناشئ عن إرادة أكيدة، قالسبحانه: (و الوالِداتُ يُرضِعْنَأَولادَهُنَّ حَولَيْنِ كامِلَين)(البقرة/233).
وأمّا السنّة فقد تضافرت الروايات عنأئمّة أهل البيت في أبواب الطهارة والصلاةو غيرهما قولهم:«يَغْتَسِلُ»، «يُعيدُالصلاة» أو «يستَقْبِل القبلة» فالجملالخبرية في هذه الموارد و إن استعملت فيمعناها الحقيقي، أعني: الإخبار عن وجودالشيء في المستقبل، لكن بداعي الطلب والبعث.
سؤال: فهل استعمال الجملة الخبرية لداعيالبعث حقيقي أو استعمال مجازي، و علىالتقديرين، إذا لم يمتثل، فهل يلزم الكذبلأجل أنّ المعصوم أخبر عن المستقبل، ولميتحقق أو لا؟
الجواب: انّ الاستعمال حقيقي ليس بمجازي،لأنّ المستعمل فيه هو الموضوع له و إنّماالاختلاف في الداعي.
كما أنّه لو لم يمتثل العبد لا يلزمالكذب، لأنّ الاستعمال لم يكن بداعيالإخبار عن وجود الشيء بل بداعي البعث والطلب، ولا يضرّ عدم تحقق المخبر