الأمر الأوّل: تعريف المفهوم والمنطوق:
إنّ مداليل الجمل على قسمين:قسم يصفه العرف بأنّ المتكلّم نطق به،وقسم يفهم من كلامه ولكن لا يوصف بأنّالمتكلّم نطق به، ولأجل اختلاف المدلولينفي الظهور والخفاء ليس للمتكلّم إنكارالمدلول الأوّل بخلاف المدلول الثاني،فإذا قال المتكلّم، إذا جاءك زيد فأكرمهفإنّ هنا مدلولين.
أحدهما: وجوب الإكرام عند المجيء، وهذامما نطق به المتكلّم وليس له الفرار منه،ولا إنكاره.
والآخر: عدم وجوب الإكرام عند عدم المجيء،وهذا يفهم من الكلام وبإمكان المتكلّمالتخلّص عنه بنحو من الأنحاء.
فالأوّل مدلول منطوقي، والثاني مدلولمفهومي.
وربما يعدّان من أوصاف الدلالة ويقال:دلالة منطوقية ودلالة مفهومية، ولكنالإطلاق من باب التوسع والمجاز، ولعل ماذكرناه هو مراد الحاجبي من تعريفه للمنطوقوالمفهوم بقوله:
المنطوق: ما دلَّ عليه اللفظ في محل النطق.
والمفهوم: ما دلَّ عليه اللفظ في غير محلالنطق (1).
1. الحاجبي: منتهى السؤل والأمل: 147،واختصره المؤلف واشتهر بالمختصر الحاجبيوشرحه العضدي، وكلاهما مطبوعان.