الأمرالخامس: تقسيمها إلى مفوِّتة و غيرمفوِّتة
المقدّمة المفوّتة: عبارة عن المقدّمةالتي يحكم العقل بوجوب الإتيان بها قبلوجوب ذيها على وجه لو لم يأت بها قبله لماتمكّن من الإتيان بالواجب في وقته، كقطعالمسافة للحجّ قبل حلول أيّامه بناء علىتأخر وجوب الحجّ إلى أن يحين وقته، فبماأنّ ترك قطع المسافة في وقته يوجب فوتالواجب، يعبّر عنه بالمقدّمة المفوّتة.ومثله الاغتسال عن الجنابة للصوم قبلالفجر، فإنّ الصوم يجب بطلوع الفجر، و لكنيلزم الإتيان بالغسل قبله و إلاّ لفسدالصوم، و يكون تركه مفوِّتاً للواجب.(1)
الأمرالسادس: تقسيمها إلى مقدّمة عباديةوغيرها
إنّ الغالب على المقدّمة هي كونها أمراًغير عبادي، كتطهير الثوب للصلاة، و قطعالمسافة إلى الحجّ و ربما تكون عبادة،ومقدّمة لعبادة أُخرى بحيث لا تقع1. وهناك سؤال: وهو انّه إذا كان وجوبُالمقدّمة ـ على القول بوجوبها ـ مترشحاًمن وجوب ذيها، فكيف يمكن القول بوجوبالمقدّمة المفوّتة في ظرفها مع عدم وجوبذيها؟ و هذا كالمثالين السابقين فإنّ لازموجوب المقدّمة هناك هو تقدّم وجوبها علىوجوب ذيها حيث يجب قطع المسافة قبل حلولأيّام الحجّ مع عدم وجوب الحجّ قبلأيّامه، و مثله الاغتسال قبل الفجر.
والجواب بوجهين:
الوجه الأوّل: انّ وجوب المقدّمةالمفوّتة عقلي محض لا شرعي مترشح من وجوبذيها، فإنّ العقل يحكم بأنّه لو تركالإتيان بالمقدّمة في ظرفها لما تمكّن منالواجب في وقته، فيعاقب على ترك الواجب فيظرفه لأجل ترك المقدّمة.
الوجه الثاني: انّ الوجوب شرعي و لكن وجوبالمقدّمة وجوب تبعي لا ترشحي، فليس وجوبهامترشحاً من وجوب ذيها حتى يطلب لنفسهتقدّمَ وجوب ذيها، بل هو تبعيّ لوجوب أمرآخر في ظرفه الآتي، و يكفي في هذا علمالمولى بحدوث الوجوب الآخر في ظرفه ولايلزم وجود المتبوع حين الحكم بوجوبها.فتُطلب المقدّمة قبل طلب ذيها.