وأمّا الثاني، فهو فيما إذا كان الأمربذيها باعثاً للمكلّف نحو المطلوب، فيكفيفي بعث المكلّف نحو المقدّمة أيضاً، ويكون الأمر بالمقدّمة أمراً غير محتاجإليه.
والحاصل: أنّ الأمر المقدّمي يدور أمرهبين عدم الباعثية إذا لم يكن المكلّف بصددالإتيان بذيها، وعدم الحاجة إليه إذا كانبصدد الإتيان بذيها، و إذا كان الحال كذلكفتشريع مثله قبيح لا يصدر عن الحكيم.
إذا تبيّن ذلك فلا حاجة في إفاضة القول فيتحليل الأقوال السابقة المبنيّة على وجوبالمقدّمة الذي تبيّن خلافه، و مع ذلك نشيرإلى أهمّ تلك الأقوال و هي ثلاثة:
1. القول بوجوب المقدّمة مطلقاً.
2. القول بوجوب المقدّمة الموصلة.
3. القول بوجوب المقدّمة بقصد التوصل.
1. القول بوجوب المقدّمة مطلقاًً
لقد استدل على وجوب المقدّمة مطلقاًبوجوه أمتنها ما ذكره المحقّق الخراسانيقائلاً بأنّ الوجدان أقوى شاهد على أنّالإنسان إذا أراد شيئاًله مقدّمات، أرادتلك المقدّمات، و لو التفت إليها ربمايجعلها في قالب الطلب مثله، و يقول أدخلالسوق و اشتر اللحم.يلاحظ عليه: أنّه لو صحّ ما ذكره لوجب أنيكون هناك بعثان مولويان تعلّق أحدهمابالمقدّمة، و الآخر بذيها، و الحال انّالوجدان يشهد على خلافه و انّه ليس فيالمورد إلاّ بعث واحد، و لو صدر الأمربالمقدّمة، فهو إمّا إرشاد إلى المقدّميةكما إذا لم يعرف المخاطب ما هي المقدّمةللمطلوب، أو تأكيد لأمر ذيها.