شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ما هذا؟ قالوا:معاويه قام الساعه، فاخذ بيد ابى سفيان، فخرجا من المسجد، فقال رسول الله (ص):(لعن الله التابع و المتبوع، رب يوم لامتى من معاويه ذى الاستاه)، قالوا:يعنى الكبير العجز.و قال روى العلاء بن حريز القشيرى ان رسول الله (ص) قال لمعاويه:(لتتخذن يا معاويه البدعه سنه، و القبح حسنا، اكلك كثير، و ظلمك عظيم).قال:و روى الحارث بن حصيره، عن ابى صادق، عن ربيعه بن ناجذ، قال:قال على (ع):نحن و آل ابى سفيان قوم تعادوا فى الامر، و الامر يعود كما بدا.قلت:و قد ذكرنا نحن فى تلخيص نقض "السفيانيه" ما فيه كفايه فى هذا الباب.و روى صاحب كتاب الغارات عن ابى صادق، عن جندب بن عبدالله، قال:ذكر المغيره بن شعبه عند على (ع) و جده مع معاويه، قال:و ما المغيره! انما كان اسلامه لفجره و غدره غدرها بنفر من قومه فتك بهم، و ركبها منهم، فهرب منهم، فاتى النبى (ص) كالعائذ بالاسلام، و الله ما راى احد ع
ليه منذ ادعى الاسلام خضوعا و لاخشوعا، الا و انه يكون من ثقيف فراعنه قبل يوم القيامه يجانبون الحق، و يسعرون نيران الحرب و يوازرون الظالمين، الا ان ثقيفا قوم غدر، لايوفون بعهد، يبغضون العرب كانهم ليسوا منهم، و لرب صالح قد كان منهم.فمنهم عروه بن مسعود و ابوعبيد بن مسعود المستشهد يوم قس الناطف.و ان الصالح فى ثقيف لغريب.قال شيخنا ابوالقاسم البلخى:من المعلوم الذى لاريب فيه لاشتهار الخبر به، و اطباق الناس عليه، ان الوليد بن عقبه بن ابى معيط كان يبغض عليا و يشتمه، و انه هو الذى لاحاه فى حياه رسول الله (ص) و نابذه، و قال له:انا اثبت منك جنانا، و احد سنانا، فقال له على (ع):اسكت يا فاسق، فانزل الله تعالى فيهما:(افمن كان مومنا كمن كان فاسقا لايستوون...) الايات المتلوه، و سمى الوليد بحسب ذلك فى حياه رسول الله (ص) الفاسق، فكان لايعرف الا بالوليد الفاسق.و هذه الايه من الايات التى نزل فيها القرآن بموافقه على (ع)، كما نزل فى مواضع بموافقه عمر، و سماه الله تعالى فاسقا فى آيه اخرى، و هو قوله تعالى:(ان جاءكم فاسق بنباء فتبينوا)، و سبب نزولها مشهور، و هو كذبه على بنى المصطلق، و ادعاوه انهم منعوا الزكاه و شهروا السيف، حت
ى امر النبى (ص) بالتجهز للمسير اليهم، فانزل الله تعالى فى تكذيبه و براءه ساحه القوم هذه الايه.و كان الوليد مذموما معيبا عند رسول الله (ص) يشنوه و يعرض عنه، و كان الوليد يبغض رسول الله (ص) ايضا و يشنوه، و ابوه عقبه بن ابى معيط هو العدو الازرق بمكه، و الذى كان يوذى رسول الله (ص) فى نفسه و اهله، و اخباره فى ذلك مشهوره، فلما ظفر به يوم بدر ضرب عنقه.و ورث ابنه الوليد الشنان و البغضه لمحمد و اهله، فلم يزل عليهما الى ان مات.قال الشيخ ابوالقاسم:و هو احد الصبيه الذين قال ابو عقبه فيهم، و قد قدم ليضرب عنقه:من للصبيه يا محمد؟ (فقال النار، اضربوا عنقه).قال:و للوليد شعر يقصد فيه الرد على رسول الله (ص) حيث قال:(ان تولوها عليا، تجدوه هاديا مهديا).قال:و ذلك ان عليا (ع) لما قتل قصد بنوه ان يخفوا قبره خوفا من بنى اميه ان يحدثوا فى قبره حدثا، فاوهموا الناس فى موضع قبره تلك الليله- و هى ليله دفنه- ايهامات مختلفه، فشدوا على جمل تابوتا موثقا بالحبال، يفوح منه روائح الكافور، و اخرجوه من الكوفه فى سواد الليل صحبه ثقاتهم، يوهمون انهم يحملونه الى المدينه فيدفنونه عند فاطمه (ع)، و اخرجوا بغلا و عليه جنازه مغطاه، يوهمون انهم
يدفنونه بالحيره، و حفروا حفائر عده، منها بالمسجد، و منها برحبه القصر، قصر الاماره، و منها فى حجره من دور آل جعده بن هبيره المخزومى، و منها فى اصل دار عبدالله بن يزيد القسرى بحذاء باب الوراقين مما يلى قبله المسجد، و منها فى الكناسه، و منها فى الثويه، فعمى على الناس موضع قبره، و لم يعلم دفنه على الحقيقه الا بنوه و الخواص المخلصون من اصحابه، فانهم خرجوا به (ع) وقت السحر فى الليله الحاديه و العشرين من شهر رمضان، فدفنوه على النجف، بالموضع المعروف بالغرى، بوصاه منه (ع) اليهم فى ذلك، و عهد كان عهد به اليهم، و عمى موضع قبره على الناس، و اختلفت الاراجيف فى صبيحه ذلك اليوم اختلافا شديدا، و افترقت الاقوال فى موضع قبره الشريف و تشعبت، و ادعى قوم ان جماعه من طيى ء وقعوا على جمل فى تلك الليله، و قد اضله اصحابه ببلادهم، و عليه صندوق، فظنوا فيه مالا، فلما راوا ما فيه خافوا ان يطلبوا به، فدفنوا الصندوق بما فيه، و نحروا البعير و اكلوه، و شاع ذلك فى بنى اميه و شيعتهم، و اعتقدوه حقا، فقال الوليد بن عقبه من ابيات يذكره (ع) فيها:فان يك قد ضل البعير بحمله فما كان مهديا و لاكان هاديا و روى الشيخ ابوالقاسم البلخى ايضا، عن جرير ب
ن عبدالحميد، عن مغيره الضبى، قال:مر ناس بالحسن بن على (ع)، و هم يريدون عياده الوليد بن عقبه، و هو فى عله له شديده، فاتاه الحسن (ع) معهم عائدا، فقال للحسن:اتوب الى الله تعالى مما كان بينى و بين جميع الناس، الا ما كان بينى و بين ابيك، فانى لااتوب منه.قال شيخنا ابوالقاسم البلخى:و اكد بغضه له ضربه اياه الحد فى ولايه عثمان، و عزله عن الكوفه.و قد اتفقت الاخبار الصحيحه التى لاريب فيها عند المحدثين، على ان النبى (ص) قال:(لايبغضك الا منافق، و لايحبك الا مومن).قال:و روى حبه العرنى، عن على (ع) انه قال:ان الله عز و جل اخذ ميثاق كل مومن على حبى و ميثاق كل منافق على بغضى، فلو ضربت وجه المومن بالسيف ما ابغضنى، و لو صببت الدنيا على المنافق ما احبنى.و روى عبدالكريم بن هلال، عن اسلم المكى، عن ابى الطفيل، قال:سمعت عليا (ع)، و هو يقول:لو ضربت خياشيم المومن بالسيف ما ابغضنى و لو نثرت على المنافق ذهبا و فضه ما احبنى، ان الله اخذ ميثاق المومنين بحبى، و ميثاق المنافقين ببغضى، فلا يبغضنى مومن، و لايحبنى منافق ابدا.قال الشيخ ابوالقاسم البلخى:و قد روى كثير من ارباب الحديث عن جماعه من الصحابه، قالوا:ما كنا نعرف المنافقين
على عهد رسول الله (ص) الا ببغض على بن ابى طالب.ذكر ابراهيم بن هلال صاحب كتاب "الغارات" فيمن فارق عليا (ع) و التحق بمعاويه يزيد بن حجيه التيمى، من بنى تيم بن ثعلبه بن بكر بن وائل، و كان (ع) قد استعمله على الرى و دستبنى، فكسر الخوارج، و احتجن المال لنفسه، فحبسه على (ع)، و جعل معه سعدا مولاه، فقرب يزيد ركائبه، و سعد نائم، فالتحق بمعاويه، و قال:خادعت سعدا و ارتمت بى ركائبى الى الشام و اخترت الذى هو افضل و غادرت سعدا نائما فى عباءه و سعد غلام مستهام مضلل ثم خرج حتى اتى الرقه، و كذلك كان يصنع من يفارق عليا (ع)، يبدا بالرقه حتى يستاذن معاويه فى القدوم عليه، و كانت الرقه و الرها و قرقيسيا و حران من حيز معاويه، و عليها الضحاك بن قيس، و كانت هيت و عانات و نصيبين و دارا و آمد و سنجار من حيز على (ع)، و عليها الاشتر، و كانا يقتتلان فى كل شهر.و قال يزيد بن حجيه و هو بالرقه يهجو عليا (ع):يا طول ليلى بالرقات لم انم من غير عشق صبت نفسى و لا سقم لكن لذكر امور جمه طرقت اخشى على الاصل منها زله القدم اخشى عليا عليهم ان يكون لهم مثل العقور الذى عفى على ارم و بعد ذلك ما لا نذكره.قال ابراهيم بن هلال:و قد ك
ان زياد بن خصفه التيمى، قال لعلى (ع) يوم هرب يزيد بن حجيه:ابعثنى يا اميرالمومنين فى اثره ارده اليك، فبلغ قوله يزيد بن حجيه، فقال فى ذلك:ابلغ زيادا اننى قد كفيته امورى و خليت الذى هو عاتبه و باب شديد موثق قد فتحته عليك، و قد اعيت عليك مذاهبه هبلت اما ترجو غنائى و مشهدى اذ الخصم لم يوجد له من يجاذبه فاقسم لولا ان امك امنا و انك مولى ما طفقت اعاتبه و اقسم لو ادركتنى ما رددتنى كلانا قد اصطفت اليه جلائبه قال ابن هلال:و كتب الى العراق شعرا يذم فيه عليا (ع)، و يخبره انه من اعدائه، فدعا عليه و قال لاصحابه عقيب الصلاه:ارفعوا ايديكم فادعوا عليه، فدعا عليه و امن اصحابه.قال ابو الصلت التيمى:كان دعاوه عليه:اللهم ان يزيد بن حجيه هرب بمال المسلمين و لحق بالقوم الفاسقين، فاكفنا مكره و كيده و اجزه جزاء الظالمين.قال:و رفع القوم ايديهم يومنون، و كان فى المسجد عفاق بن شرحبيل بن ابى رهم التيمى شيخا كبيرا، و كان يعد ممن شهد على حجر بن عدى حتى قتله معاويه، فقال عفاق:على من يدعو القوم؟ قالوا:على يزيد بن حجيه، فقال:تربت ايديكم! اعلى اشرافنا تدعون! فقاموا اليه فضربوه حتى كاد يهلك.و قام زياد بن خصفه- و
كان من شيعه على (ع)- فقال:دعوا لى ابن عمى، فقال على (ع):دعوا للرجل ابن عمه، فتركه الناس، فاخذ زياد بيده فاخرجه من المسجد، و جعل يمشى معه يمسح التراب عن وجهه، و عفاق يقول:و الله لااحبكم ما سعيت و مشيت، و الله لااحبكم ما اختلفت الدره و الجره، و زياد يقول:ذلك اضر لك، ذلك شر لك.و قال زياد بن خصفه يذكر ضرب الناس عفاقا:دعوت عفاقا للهدى فاستغشنى و ولى فريا قوله و هو مغضب و لولا دفاعى عن عفاق و مشهدى هوت بعفاق- عوض- عنقاء مغرب انبئه ان الهدى فى اتباعنا فيابى، و يضريه المراء فيشغب فان لايشايعنا عفاق فاننا على الحق ما غنى الحمام المطرب سيغنى الاله عن عفاق و سعيه اذا بعثت للناس جاواء تحرب قبائل من حيى معد و مثلها يمانيه لاتنثنى حين تندب لهم عدد مثل التراب و طاعه تود، و باس فى الوغى لايونب فقال له عفاق:لو كنت شاعرا لاجبتك، و لكنى اخبركم عن ثلاث خصال كن منكم، و الله ما ارى ان تصيبوا بعدهن شيئا مما يسركم:اما واحده، فانكم سرتم الى اهل الشام حتى اذا دخلتم عليهم بلادهم قاتلتموهم، فلما ظن القوم انكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف، فسخروا بكم فردوكم عنهم، فلا و الله لاتدخلونها بمثل ذلك الجد و الحد
و العدد الذى دخلتم به ابدا.و اما الثانيه، فانكم بعثتم حكما و بعث القوم حكما، فاما حكمكم فخلعكم، و اما حكمهم فاثبتهم، فرجع صاحبهم يدعى اميرالمومنين، و رجعتم متلاعنين متباغضين، فو الله لايزال القوم فى علاء، و لاتزالون فى سفال.و اما الثالثه، فانه خالفكم قراوكم و فرسانكم فعدوتم عليهم فذبحتموهم بايديكم، فو الله لاتزالون بعدها متضعضعين.قال:و كان يمر عليهم بعد، فيقول:اللهم انى منهم برى ء، و لابن عفان ولى فيقولون:اللهم انا لعلى اولياء، و من ابن عفان برآء، و منك يا عفاق! قال:فاخذ لايقلع، فدعوا رجلا منهم له سجاعه كسجاعه الكهان، فقالوا:و يحك! اما تكفينا بسجعك و خطبك هذا! فقال:كفيتكم، فمر عفاق عليهم، فقال كما كان يقول، فلم يمهله ان قال له:اللهم اقتل عفاقا، فانه اسر نفاقا، و اظهر شقاقا، و بين فراقا، و تلون اخلاقا.فقال عفاق:و يحكم! من سلط على هذا؟ قال:الله بعثنى اليك، و سلطنى عليك لاقطع لسانك، و انصل سنامك، و اطرد شيطانك.قال:فلم يك يمر عليهم بعد، انما يمر على مزينه.و ممن فارقه (ع) عبدالله بن عبدالرحمن بن مسعود بن اوس بن ادريس بن معتب الثقفى، شهد مع على (ع) صفين، و كان فى اول امره مع معاويه، ثم صار الى على
(ع)، ثم رجع بعد الى معاويه، و كان على (ع) يسميه الهجنع، و الهجنع:الطويل.و منهم القعقاع بن شور، استعمله على (ع) على كسكر، فنقم منه امورا، منها انه تزوج امراه فاصدقها مائه الف درهم، فهرب الى معاويه.و منهم النجاشى الشاعر من بنى الحارث بن كعب، كان شاعر اهل العراق بصفين، و كان على (ع) يامره بمحاربه شعراء اهل الشام، مثل كعب بن جعيل و غيره، فشرب الخمر بالكوفه، فحده على (ع)، فغضب و لحق بمعاويه، و هجا عليا (ع).حدث ابن الكلبى عن عوانه، قال:خرج النجاشى فى اول يوم من شهر رمضان، فمر بابى سمال الاسدى، و هو قاعد بفناء داره، فقال له:اين تريد؟ قال:اردت الكناسه، فقال:هل لك فى رءوس و اليات قد وضعت فى التنور من اول الليل، فاصبحت قد اينعت و قد تهرات؟ قال:ويحك! فى اول يوم من رمضان! قال:دعنا مما لانعرف، قال:ثم مه، قال:اسقيك من شراب كالورس، يطيب النفس، و يجرى فى العرق، و يزيد فى الطرق، يهضم الطعام، و يسهل للفدم الكلام، فنزل، فتغديا، ثم اتاه بنبيذ فشرباه، فلما كان آخر النهار علت اصواتهما، و لهما جار من شيعه على (ع)، فاتاه فاخبره بقصتهما، فارسل اليهما قوما فاحاطوا بالدار، فاما ابوسمال فوثب الى دور بنى اسد فافلت، و اخذ الن
جاشى فاتى (ع) به، فلما اصبح اقامه فى سراويل، فضربه ثمانين، ثم زاده عشرين سوطا، فقال:يا اميرالمومنين، اما الحد فقد عرفته، فما هذه العلاوه؟ قال:لجراءتك على الله، و افطارك فى شهر رمضان.ثم اقامه فى سراويله للناس، فجعل الصبيان يصيحون به:خرى النجاشى، خرى النجاشى! و جعل يقول:كلا انها يمانيه وكاوها شعر.قال:و مر به هند بن عاصم السلولى، فطرح عليه مطرفا، فجعل الناس يمرون به و يطرحون عليه المطارف، حتى اجتمعت عليه مطارف كثيره، فمدح بنى سلول فقال:اذا الله حيا صالحا من عباده تقيا فحيا الله هند بن عاصم و كل سلولى اذا ما دعوته سريع الى داعى العلا و المكارم هم البيض اقداما و ديباج اوجه جلوها اذا اسودت وجوه الملائم و لاياكل الكلب السروق نعالهم و لايبتغى المخ الذى فى الجماجم ثم لحق معاويه، و هجا عليا (ع)، فقال:الا من مبلغ عنى عليا بانى قد امنت فلا اخاف عمدت لمستقر الحق لما رايت اموركم فيها اختلاف و روى عبدالملك بن قريب الاصمعى، عن ابن ابى الزناد، قال: